جمعت القاهرة القمة الإماراتية المصرية الأردنية في توقيت دقيق، كونها عقدت بعد الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى، إضافة لتوتر الأوضاع في غزة، وتتزامن مع استمرار التصعيد في الأزمة الأوكرانية وتبعاتها، كما اكتسبت القمة أهمية كبيرة، لثقل الدول المشاركة على أعلى المستويات.
القمة الثلاثية هي الثانية التي تجمع قادة مصر والإمارات والأردن خلال شهر، بعد لقاء مدينة العقبة الأردنية، والتي حضرها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والقمة الثالثة التي تجمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين خلال شهرين، والقمة الرابعة التي تجمع الرئيس عبدالفتاح السيسي بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال شهر، في دلالة واضحة على أن القمم المتتالية بين قادة الدول الثلاث، وخلال فترة تعتبر قصيرة، تؤكد حرص قادة الدول على تعزيز الشراكة العربية الإقليمية في ظل التحولات الدولية المتسارعة، والتنسيق المستمر في قضايا الأمن الغذائي والمائي وملفات الطاقة، ومعالجة أهم التحديات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

جهود عربية كبيرة قامت بها الدول الثلاث دعما للقضية الفلسطينية، لاحتواء الأزمة في القدس واستعادة الهدوء، حيث استضافت الأردن اجتماعاً عربياً طارئاً لبحث الأوضاع في المسجد الأقصى، بما يضمن احترام دور الوصاية الهاشمية التاريخية في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس، وهناك اتصالات تجريها مصر مع الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية لمنع التصعيد في غزة.
هناك توافق كبير في الرؤى الاستراتيجية بين قادة الدول الثلاث حول القضية الفلسطينية، تتلخص في أهمية ضبط النفس وعدم التصعيد، وأن السلام الشامل والعادل هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل أفضل للشعوب، بينما استمرار الأزمات لن يأتي إلا بمزيد من الضحايا لدى الطرفين.

يمر النظام الدولي بفترة صعبة بسبب تبعات الأزمة الأوكرانية، والصراع القطبي بين الشرق والغرب بسبب طموح روسيا، وظهور قوى اقتصادية قوية مثل الصين، وتوجس العالم بسبب استخدام الدولار الأميركي كسلاح لفرض العقوبات بحكم أنه الأكثر تداولاً مالياً، وبحسب صندوق النقد الدولي يشكل الدولار 59% من احتياطي العملات الأجنبية في البنوك المركزية، في هبوط واضح مقارنة بالعقد الماضي حين كان عند 71%. ولذلك، من حق الصين أن تكون عملتها عالمية، وقد تفوقت تجارياً من حيث الصادرات والواردات العالمية، ومنحها صندوق النقد الدولي وضعية العملة الاحتياطية، والعالم يسير نحو تنويع احتياطياته المالية، وعند النظر للصورة الكبرى لما يجري في العالم، نجد أن النظام الدولي يشهد بداية نهاية الهيمنة الغربية، مما يتطلب تعزيز لجهود التكتلات والشراكات الإقليمية والدولية، لمواجهة التحديات الناتجة عن المتغيرات القادمة. 
تحتاج المنطقة العربية والإقليمية إلى الاستقرار، لمواجهة التحديات العالمية، والمضي في مسارات التنمية بما يحقق تطلعات الشعوب، والاستمرار في ترسيخ ثقافة السلام والتعايش الإنساني، وهذا لا يتعارض أبداً مع القضية الفلسطينية بل يكملها، ويتوافق مع رؤية قياداتنا العربية الشجاعة في محور الاعتدال.
*إعلامية وكاتبة بحرينية