كان مؤسس الدولة العبرية ديفيد بن جوريون لديه حلم الدمج لكل مكونات المجتمع الإسرائيلي، سواء من الداخل، أو القادمين من الخارج، وبين اليهود الشرقيين والغربيين في إطار معادلة تضم الجميع، وبمقتضي ذلك حصل عرب 48 على الجنسية الإسرائيلية، وباتوا موطني الدولة بصرف النظر عن الطريقة التي اتبعت في التعامل معهم، خاصة بعد أن التحقوا بمؤسسات الدولة، وإن كانت في مناصب درجة ثانية. 
ظل السؤال الدائم هل هم مواطنون بحق أم ما زالوا عرباً خاصة أنهم مثلوا أكثر من 20 %من سكان إسرائيل؟، وظل التعامل معهم على أنهم أقلية صغيرة تضم الدروز والمسيحيين، والأغلبية منهم مسلمون، مع العلم أنه لم يسبق لأي حزب عربي أن شارك في ائتلاف حكومي من قبل، واليوم هناك 12 نائباً منهم في الكنيست، بعد أن تجاوزا القاعدة، والتحقوا بالائتلاف الراهن في سابقة لم تحدث من قبل، وباتوا رقماً كبيراً في الخريطة الحزبية، ودخلت القائمة العربية الموحدة الائتلاف ا، وأصبحت ضابط إيقاع حقيقي في مواجهة الأحزاب المشكلة للائتلاف إلا أنها - ومؤخراً وكإجراء شكلي - جمدت وضعها في الائتلاف الحكومي والكنيست، وذلك على خلفية تطورات الأوضاع بالمسجد الأقصى، وبعد أن تعرضت للعديد من الضغوط الكبيرة من أوساط قيادات في الحركة الإسلامية الجنوبية للانسحاب الكامل من الائتلاف، إلا أنها - وكما هو متوقع - ستعود للكنيست عقب استئناف عمله بعد أجازته الراهنة.
وفي مقابل الممارسة العربية في الكنيست تستمر التخوفات الإسرائيلية على مستقبل الدولة اليهودية من الوجود العربي في المنظومة الاجتماعية، ومن تمدد حضورهم السياسي، ومن ملامح التخوف مؤخرا ما أكده رئيس لجنة الكنيست نير أورباخ أنه سيعقد جلسة لمناقشة طرد النائب العربي أيمن عودة من الهيئة التشريعية، على خلفية دعوته المواطنين العرب إلى ترك الخدمة في قوات الجيش الإسرائيلي حيث بعث إلى لجنة الكنيست رسالة وقع عليها 70 من أصل أعضاء الهيئة التشريعية، وهي تطالب بحرمان «عودة»، رئيس «الجبهة العربية التغيير»، وعضو «القائمة المشتركة» ذات الأغلبية العربية، من مقعده،.فيما أعلنت «القائمة المشتركة» أنها تنوي التصويت لصالح حل الكنيست، ما سيدفع إسرائيل إلى انتخابات مبكرة جديدة.
يزيد من ذلك وجود أزمة ثقة، فيما يتعلق بمستقبل التعامل بين عرب إسرائيل والدولة، ومن أكثر النقاط حساسية موضوع مصادرة الأراضي حيث استولت الحكومة الإسرائيلية على جميع أراضي البلديات العربية لتوطين المهاجرين اليهود. كما كرست الحكومة وضع التفرقة بالتدريج وعبر قرارات إدارية عليا، وعلى أساس ممنهج بما أكد على أن العربي الإسرائيلي غير مساوٍ للمواطن اليهودي، وفي ظل عدم حصول أغلب السكان العرب الإسرائيليين الذين يعيشون في المدن العربية على نفس نوعية خدمات الدولة بدرجاتها المختلفة.
تستكمل الصورة برهانات الكتابات الاستراتيجية الإسرائيلية أنه حال اندلاع حرب مع «حزب الله» في لبنان، أو في غزة في أية مواجهات راهنة أو محتملة، والتي قد تشهد إطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، ما سيؤدي إلى وقوع إصابات وأضرار كبيرة، قد تتطور المواجهات في الداخل مع عناصر في المجتمع العربي مع الاستفادة من الفوضى المحتملة، وتحدي الأجهزة الأمنية بشكل أكبر، الأمر الذي سيؤدي تلقائياً إلى محاولات لتعطيل تحركات القوات الإسرائيلية في جميع المناطق، وإغلاق الطرق ومداخل القواعد العسكرية، واحتمالات نشوب أعمال عنف في المدن العربية. ومن ثم فإن الوضع الراهن لعرب 48 يتطلب علاجاً جذرياً، على اعتبار أنه ما لم يشعر المواطن العربي الحاصل على الجنسية الإسرائيلية بأن له مستقبلاً، فإن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة لمواجهة مصيرها وانفراط العقد الاجتماعي، وفي ظل مخاوف من وقوع مواجهات بين عناصر مسلحة عربية ويهودية، خصوصاً وأن هناك متطرفين يهود مسلحين على استعداد لخوض مواجهات ضد المواطنين العرب، الأمر الذي قد يتدهور ليتحول إلى حرب أهلية في إسرائيل. 

أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية والعلوم السياسية