العالم يتكلم بلغة الاقتصاد، وعندما تتوالى الأزمات يقال بأن السياسة تفسد الاقتصاد. وأهل الاختصاص يذكرونا دائماً بأزمة 1928 و2008، وعندما تقع الكوارث الاقتصادية، يقال بسبب حكم الـ 1% لبقية العالم.
من الجيد أن نعرف حجم الثروات في العالم، حتى ندرك موقعها من إعراب الاقتصاد، يذكر بأن حجم المال في العالم كله يتراوح ما بين 80-90 تريليون دولار.
هذا الرقم الضخم قد يصعب رؤيته عبر الآلة الحاسبة، ولكن الدول ومعها الأثرياء، يعملون له مليار حساب، في سباق المال والاقتصاد للفوز بالرقم الأكبر. كل هذه التريليونات تحت قبضة 1% من سكان الأرض، وبنصيب 90% من مجموع الثروات والفتات مع الباقي وهو 10%، فالنسبة الأولى تتجه شمالاً والثانية جنوباً يجتاحه جنون الفقر.
نبدأ بأميركا الدولة العظمى، والتي تعاني عجزاً شبه دائم في ميزانياتها عبر عقود لا يقل ذلك عن تريليون دولار، وهي تريد سد هذا العجز عبر مغامراتها الخارجية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تطالبها بدفع فاتورة الحماية الأميركية، وبأثر رجعي تقدّر بـ7 تريليونات دولار.
هذا ولدى أميركا مشكلة مالية أخرى لا يتم التطرق إليها كثيراً، ألا وهي مع دافعي الضرائب الذين يمتنع أعداد كبيرة منهم والأثرياء خاصة عن الدفع بصورة متواصلة، بل بالمماطلة والتسيب هو الغالب عليهم، وتقدّر المتأخرات التي يجب تحصيلها بما يقارب تريليون دولار إنْ لم يكن أكثر الآن.
نترك أميركا ونعرج إلى الدول التي لديها صناديق سيادية، وهي 36 دولة من إجمالي 193 دولة عضوة في الأمم المتحدة، و206 دول العالم كله، هذا وقد بلغ مجموع ثرواتها السيادية قرابة 32 تريليون دولار في 2021.
ننتقل إلى التريليونات السوداء التي تجوب العالم كله، وتخلط حابل الاقتصاد بنابله أكثر من قنابله الذكية.
لو بدأنا بحجم المال المتداول في تجارة السلاح بالأرواح، فهو يقترب من النصف تريليون دولار ما عدا معاملات السوق السوداء لتجارة الأسلحة التي لا تقل عمولتها عن 30% للأفراد، وليس للشركات المصنعة.
بعد السلاح، تأتي تجارة البشر والتي تدر سنويا قرابة 150 مليار دولار، وعدد ضحاياها تقترب من 40 مليون إنسان مُهان حول العالم، تلعب بهم عصابات الجريمة المنظمة كيفما تشاء، بلا رادع من قانون ولا وخز للضمير.
وأما في دهاليز عالم المخدرات، قرابة نصف تريليون دولار حجم هذه التجارة القذرة، وهي أشد خطورة من تجارة السلاح التي تقتل أفراداً بعينهم أما المخدرات فهي تدمر الأمم والمجتمعات، فالموتى منهم لا يقل سنوياً عن 200 ألف متعاط والمدمنون يقترب عددهم من ربع مليار من أشباه البشر وأشباحه.
فأما غسيل الأموال أو تبييضه، فمصدره قاذورات البشر من السوق السوداء للسلاح والتجارة في الرقيق الأبيض والسموم البيضاء، أي بمعنى قمامة العالم التي لا تقبل إعادة التدوير. فهذا النوع من الغسيل يكلف العالم أو الإنسانية من تريليون إلى تريليون ونصف التريليون دولار سنوياً.
وهناك نوع آخر من المال نجده في مكب النفايات التي تحوي نصف الإنتاج العالمي من الغذاء، والتي يكلف قرابة أكثر من نصف تريليون دولار سنوياً، يمكن أن يسد رمق قرابة مليار من الجوعى حول العالم بقليل من الترشيد ،وكثير من روح المسؤولية الاجتماعية والإيثار.
كاتب إماراتي