هل العالم على موعد في مايو الأحمر الجاري، مع المحظور الذي نجحت القوى العظمى طوال أربعة عقود في زمن الحرب الباردة من تجنبه؟ الجواب يلفت الانتباه إلى حديث الساعة شرقاً وغرباً، أي الخوف من الانفجار النووي، سواء كان الأمر عمدا أو سهوا، وبخاصة في ظل الكثير من الإشارات المخيفة التي تنطلق من الشرق الروسي والغرب الأميركي.
قبل بضعة أيام كانت القناة الروسية الأولى تستعرض عبر برنامج «60 دقيقة» فكرة تعرض لندن وباريس وبرلين لهجمات نووية روسية...هل الأمر محض صدفه؟
يشك المرء في ذلك، وأغلب الظن أن في المشهد رسالة للأوروبيين وعلى نحو خاص البريطانيين الذين أشاروا في تصريحات عسكرية لهم إلى جهوزيتهم النووية بدورهم لملاقاة الروس. تالياً يكتب أحد المحلين الروس المقربين من دائرة ال«سيلوفيكي»، أي الجماعة التي تلتف حول الرئيس بوتين في الوقت الراهن، وتعد نخبته الحاكمة، الكسندر نازاروف يقول:«إن منتصف شهر مايو هو الموعد المحتمل لبدء الحرب بين روسيا والناتو»...أهي القارعة النووية إذن؟
يتسرب الخوف إلى النفوس مرة أخرى حين يتابع المحللون السياسيون تصريحات رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي، عن الأسابيع القليلة المقبلة، وكيف أنها حرجة للغاية.
ميلي يلفت الانتباه إلى أن «الناتو» بات في مواجهة روسيا والصين معا، ولهذا فإن الأزمة الأوكرانية تتعقد يوما تلو الآخر، ولا تبدو في الأفق مسارات انفراجة أو مساقات مصالحة. نهار الاثنين المقبل التاسع من مايو الجاري سوف تشهد موسكو عرضاً عسكرياً، وخطاباً للرئيس بوتين، والجميع متحسب لما سيعرض وما سيقال، وهل ستكون هذه لحظة الصفر للمواجهة الأوسع؟
الروس يبدون حتى الساعة صبراً يحسدون عليه، لا سيما في ظل تدفق الأسلحة الكثيف وغير المسبوق من الولايات المتحدة الأميركية، وبقية عموم أوروبا إلى أوكرانيا، لكن من الواضح أن هذا الصبر قد بدأ ينفد.
في الأسبوعين الفائتين بدا واضحا أن الروس يستخدمون أسلحة متطورة ودقيقة، فقد رأينا على سبيل المثال صواريخ كاليبر المتطورة تطال مخازن السلاح في جنوب غربي أوكرانيا، وفي الأثناء كان الرئيس بوتين يتحدث عن أسلحة روسيا الجاهزة للاستخدام، حال محاولة البعض التدخل في أوكرانيا وقلب ميزان المعركة الدائرة هناك.
الدب لا يُقيد، هذه معطيات استراتيجية روسية يعرفها العسكريون الغربيون، ولهذا يحتار المرء في السلوك الغربي ويدفعنا المشهد للتساؤل:«هل من مصلحة للقوى الغربية في إشعال حرب نووية؟
يبدو الروس جاهزون لسيناريوهات لم تخطر على قلب أحد من قلب، تبدأ من عن التهديد بالأسلحة الفرط صوتية، والصواريخ الباليستية الشيطانية من نوعية (سارمات)، ولا تنتهي بالغواصات غير المأهولة ببشر من نوعية (بوسيدون).
مرة أخرى وعبر شاشات التلفزيون الحكومي الروسي، تهدد موسكو بإغراق بريطاني بوساطة تسونامي متعمد من خلال تفجير نووي تحت البحر قرب السواحل البريطانية.
الفكرة عينها طرحت من قبل بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، سواء على الشاطئ الشرقي حيث الأطلنطي، أو الغربي حيث المحيط الهادئ. هل هناك من يحاول الهروب إلى الأمام عبر المواجهة المسلحة؟ الجواب خطير، لكن يمكن فهمه في ضوء ما قاله كارل ماركس من قبل..«الحرب قابلة التاريخ». نأمل أن يكون ماركس على خطأ وأن لا نرى مايو الأحمر أبداً.