قد يتبادر للأذهان أن الهجوم الإرهابي الذي أحبطه الجيش المصري على إحدى محطات رفع المياه بمنطقة شرق القناة في غرب سيناء، السبت الماضي، يأتي رداً من العناصر الإرهابية على حملة التطهير الواسعة ضد تلك العناصر المتطرفة، بينما الأمر يتجاوز هذا التحليل إلى أبعد من ذلك.

فنجاح عمليات التنمية والإعمار بشكل لافت خلال الفترة الزمنية السابقة والحالية، والنجاحات غير المسبوقة التي حققتها القوات المسلحة في سيناء خلال الشهور الماضية، ورصد 700 مليار جنيه لعمليات التنمية المستمرة ببناء 5 أنفاق لإنهاء الفصل بين سيناء والوادي، بالإضافة إلى الجسور الثابتة والمتحركة، مع استصلاح أكثر من 500 ألف فدان وتمرير مليوني متر مكعب من المياه يومياً لري هذه الأرض المستصلحة، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة وتوطين ملايين المصريين فيها، فضلاً عن التخطيط لمشاريع جذب سياحية عملاقة واستزراع مساحات كبيرة من الأراضي، بالإضافة إلى الجهود التي بذلت لتجفيف منابع الإرهاب في شبه جزيرة سيناء.. كل تلك الأسباب حركت كوامن الإرهاب لشن ذلك الهجوم الغاشم من قبل العناصر التكفيرية على نقطة رفع المياه، ما أدى إلى الاشتباك والتصدي لها، حيث أسفرت العملية عن مقتل ضابط و10 جنود، وإصابة 5 أفراد مصريين. وقد تبني تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الدموي.

رسائلٌ مشفرةٌ وأهدافٌ حاولت التنظيمات الإرهابية إيصالها مجدداً خلف عملية سيناء الأخيرة، وقد حمل توقيتُ العملية الكثيرَ من الدلالات المهمة التي تسعى التنظيمات الإرهابية لبثها بعد تزايد وتيرة التنمية في سيناء، وبعد تَتَابُع عدة تقارير دولية تثني على دور القوات المسلحة المصرية في القضاء على الإرهاب وتوقف العمليات الإرهابية منذ عام 2018 حيث لم تشهد مصر أي عملية إرهابية خلال هذه الفترة إثر نجاح الجيش في تفكيك البنية الأساسية للتنظيمات الإرهابية.

وفي هذا السياق استوقفني رأي جدير بالاهتمام للباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو عبد المنعم، حين أكد أن الحادث له عدة دلالات مهمة منها أنه يأتي رداً على تسريبات مسلسل «الاختيار 3»، والتي كشفت عن استعانة جماعة «الإخوان» بقيادات متطرفة، مثل محمد الظواهري ومحمد نصر الدين غزلاني، للتنسيق مع التنظيمات الإرهابية في سيناء، لعودة الجنود المخطوفين والضغط على الجيش وشن عمليات إرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة.

لكن الأكيد على أية حال أن الهجوم على محطة رفع المياه غرب سيناء كان يستهدف في المقام الأول تعطيل الاستراتيجية التنموية في مناطق وسط وغرب سيناء والقريبة من حواضن قناة السويس وتعطيل خطط مصر في هذا الاتجاه وإبطاء التنمية فيها، كما أنه يستهدف الضغط على الدولة المصرية فيما يخص تحركاتها وملفاتها الخارجية التي نجحت في إدارتها.

التضامن المتوقَّع من دول الخليج ودول العالم العربي والإسلامي مع مصر، والتصريحات التي خرجت من مسؤولي وقادة الخليج والتي تدين هذا الهجوم الدموي، والدعم التام لمصر في حربها ضد الإرهاب، ربما لخصه البيان الموفق الذي أصدره رئيس هيئة علماء المسلمين في رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، والذي أكد فيه «أن هذا الاعتداء الإرهابي لن يزيد مصر إلا عزيمةً وقوةً على مواجهة الإرهاب واستئصاله»، مشدداً على «التضامن الكامل مع مصر في حربها ضد الإرهاب، وضد كل ما يهدد أمنَها واستقرارَها».

*كاتبة سعودية