قبل أكثر من ثلاثة وأربعين عاماً، أي في العام 1979، كنا طلبة في المرحلة الجامعية، قد خططنا ملعباً لكرة القدم بالقرب من مركز دبي التجاري العالمي الذي عد في ذاك الوقت أطول مبنى في الشرق الأوسط.
بالأمس القريب، لم نستطع الحصول على مساحة بقدر موقف سيارة واحدة من أجل المشاركة في فعاليات «معرض سوق السفر العربي» النسخة 15 لسنة 2022.
لقد بحثت عن شبر واحد في تلك المساحة الشاسعة، ولم أجد، فمررت على إحدى العمارات متعددة المواقف واللوحة من أمامي كانت تشير إلى وجود 66 موقفاً شاغراً فقط في بناية ضخمة من ستة أدوار، وبالكاد اقتربت منها، فإذا باللوحة الإلكترونية تشير إلى الرقم 21، وعندما هممت بالدخول وصل العدد إلى صفر مواقف، فرجعت إلى الساحة المقابلة لأرض المعارض فإذا هي مغلقة بالكامل، فما الحل؟!
وقفت بالقرب من أمام أحد رجال الأمن، فقلت له: لقد تأخرت عن اجتماع مهم ولا حيلة لي في الوصول، فقال: خذ دورة أخرى، ثم ارجع إليّ سوف أجد لك موقفاً، فعدت إليه وقد كفى ووفى، تحية مستحقة لمثل هؤلاء الرجال، حتى عندما تضيق الطرقات، فهم قادرون على توسعتها بقلوبهم وصدورهم الرحبة.
هذا المعرض السنوي، لم يعد معرضاً تقليدياً، بل بيتاً للعرب جميعاً، بل سفراً سريعاً إلى قلوب العرب قبل بلدانهم، ترى ما سر هذا الإقبال وهذا الزحام في لوحة فنية راقية، أجاب أحد الزملاء: لقد اشتاقت الناس للناس من كافة الأجناس، صحيح من قال: «بأن الجنة بلا ناس ما تنداس»
وصلنا إلى جناح الفجيرة، حيث يبدأ تكريم الفائزين بجائزة السياحة العربية من المسؤولين والصحفيين والإعلاميين في شتى وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مركز السياحة العربي وبصحبة رئيسه السابق.

و فوق ذلك فوز إمارة الفجيرة بمقام عاصمة العرب السياحية للعام 2022، وهي في قمة الاستحقاق، ولو كنت من المصوتين لاخترتها بكل أريحية، ولا أبالغ بأنها كانت متنفساً لي ولعائلتي في فترة «كورونا» ولو قلت بأنني لم يمر أسبوع إلا وأنا أتجول بين جبالها وشواطئها.
لم تعد السياحة ترفيهاً فحسب، صناعة مستقلة، واقتصاداً مزدهراً بانت أهميتها عندما انغلق العالم على نفسه في فترة جائحة «كوفيدـ 19».
في هذا المكان كان اللقاء بأحد كبار الأساتذة في علم اقتصاد السياحة وهو فرع مهم من الاقتصاد الكلي.
الإمارات في هذا المعرض تحقق نموها المستدام في هذا القطاع الحيوي وقد يكون في المستقبل أحد البدائل المحتملة للنفط.
فهي تستهدف استقطاب 40 مليون سائح إلى المنشآت الفندقية بحلول 2030. وقد ساهم قطاع السياحة والسفر في عام 2020 بنحو 5 تريليونات دولار من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ووفر قرابة 272 مليون فرصة عمل حول العالم.
والإمارات كذلك تسعى إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي في إجمالي الناتج المحلي لتصل إلى 15%.
كاتب إماراتي