انشرحت صدور شعب الإمارات، أيّما انشراحٍ، وهم يشاهدون الجلسةَ الاستثنائيةَ بين حكام الإمارات، أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، وقد التفوا حول قيادتهم الجديدة، ليضيفوا بذلك قيمةً عاليةً، أخلاقيةً وسياسيةً، إلى التفاف الشعب حول قيادته.
وتجلَّت الفرحةُ العارمةُ لسلاسة اختيار رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بالإجماع في جلسة المجلس الأعلى للاتحاد يوم 15 مايو 2022، والتي لم تستغرق أكثر من ثلاث دقائق، ومثلت مشهداً استثنائياً ونقطةً فارقةً في تاريخ وقائع تسلُّم السلطة في المنطقة.
ومن جانبه أعرب صاحبُ السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، عن تقديره للثقة الغالية التي أولاه إياها إخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، راجياً المولى، عز وجل، أن يوفقه ويعينه على حمل مسؤولية هذه الأمانة العظيمة، وعلى أداء حقها في خدمة وطنه وشعبه الإماراتي الوفي. 
فيما أعرب أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد عن ثقتهم التامة بأن شعب دولة الإمارات العربية المتحدة سيبقى كما أراده الشيخ زايد والمؤسسون، عوناً دائماً وحارساً أميناً للاتحاد ومكتسباته على جميع الصُّعد والمستويات. ومما يطمئن في هذا الخصوص أن «البيت متوحد»، وهذا بدوره يرسخ ثقة القيادة بشعبها، وينعكس إيجاباً عبر تبنِّي سياسة خارجية فعالة ودبلوماسية منفتحة، إقليمياً ودولياً. 
مراقبون ممن شهدوا مراسم تشييع جثمان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، شعروا بالذهول لأسلوب التعامل مع الحدث الأليم، إذ تم ذلك بهدوء وانسيابية تامين، رغم ما عم البلاد من حزن وألم لفقد الراحل الذي ترك غيابُه أثراً نفسياً مؤلماً في نفوس الإماراتيين والمقيمين.. بينما سارت الحياة وفق وتيرتها المعتادة. وكذلك الأمر بالنسبة لانتقال السلطة بشكل سلس للغاية، إذ كان المشهد مدهشاً ولافتاً. إنه يعكس نموذجاً إماراتياً منفرداً.
الشيخ محمد بن زايد ينهج سلوكاً سياسياً موسوماً بـ«الحزم» ويسعى لتحقيق السلم الأهلي في كل مكان. وفي هذا السياق نستذكر أن سموه شهد حقبةَ أواخر السبعينيات، حيث وقعت الثورةُ الإيرانيةُ بكل تفاصيلها وإفرازاتها السلبية في المنطقة، وكذلك أحداث 11 سبتمبر 2001، ومواجهة سموه لعصر الإسلام السياسي وأحلام «الخلافة الإسلامية». 
وقد عمل سموه على مواجهة حقبة الفوضى، وواجه القلقَ المر الذي مرت به المنطقة بتأجيج من إيران وجماعة «الإخوان المسلمين» في عام 2011.. بينما كانت أميركا تتخادم مع إيران و«الإخوان» ضمن تسويغات ذرائعية تدعي العملَ على نشر الديمقراطية في المنطقة، بغية خلق كيانات دينية موازية للدولة الوطنية، قبل أن تتخلى أميركا عن المنطقة، خاصة بخروجها السريع من أفغانستان! الخبراء والمحللون لم يفهموا في البداية رؤية الشيخ محمد بن زايد، لكنهم أدركوا بعد ذلك أن مقاربات سموه كانت الصحيحةَ والصائبةَ. 
وفي هذا الشأن ينسق الشيخ محمد بن زايد المواقف مع الأمير محمد بن سلمان في إعادة رسم مستقبل المنطقة، بعد أن وجد أن منطقة الشرق الأوسط أمام خيارين: «إمّا سلطة أكثر حزماً أو كارثة حتمية».

سفير سابق