خلال الأسبوع الماضي، وبعد نشر مقال «الريادة والتفرد في مستقبل الإمارات»، الذي تحدثت فيه عن الانتقال السلس للسلطة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكيف جرت عملية انتخاب صاحب السمو رئيس الدولة، وما تناولته الصحف ووسائل الإعلام العربية والعالمية، أثيرت نقاشات عدة، وطرحت أسئلة، سواء في جلسات نقاشية أو خاصة، حول ماهية وحقيقة الديمقراطية في دولة الإمارات العربية.
الجواب الأول، الراسخ الذي لا يقبل الجدل، رأس الديمقراطية وهويتها الأساسية، أنه وبحسب المادة 46 من دستور دولة الإمارات، فإن «المجلس الأعلى للاتحاد هو السلطة العليا في الدولة، حيث يتكون المجلس من حكام الإمارات السبع وهي أبوظبي «العاصمة»، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، رأس الخيمة، والفجيرة»، وتنص المادة 45 من دستور الإمارات العربية المتحدة بأن منصب رئاسة الدولة يمثل السلطة الثانية من السلطات الاتحادية الخمس للحكومة الاتحادية.
وتنص المواد من 51 إلى 54 من دستور الدولة على أحكام انتخاب رئيس الدولة، ومدة ولايته، وصلاحياته، حيث «ينتخب المجلس الأعلى للاتحاد من بين أعضائه رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، لمدة خمس سنوات وفقاً للتقويم الميلادي، ويجوز إعادة انتخابه لذات المنصب».
هذا التشريع، عماد الدستور الإماراتي، وركنه الأساسي، هو نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي، ولد مع ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة، مُستلهماً من تاريخ إماراتها السبع المتصالحة، ونظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن روح الأنظمة في منطقة الخليج والدول العربية، صاغه فقهاء الفكر والقانون، بما يتلائم ويواكب الدولة الحديثة، في الزمن المعاصر، وما يضمن الأمن والاستقرار والنمو والتطور، وبما ينسجم بعمق شديد مع هوية وتاريخ شعب الإمارات النابع من نظم الأسرة والعائلة والقبيلة المحكم، القائم على العدل والمساواة، وينسجم أيضاً، في الوقت ذاته، مع التطلعات الكبرى التي رآها الأباء المؤسسون، لمستقبل دولة وشعب يطمح أن يصل عنان السماء.
هذه الديمقراطية الراسخة التي تتمتع بالشفافية المطلقة، المناسبة والملائمة بدرجة تفوق التوقعات، في دولة الإمارات العربية المتحدة، تتفوق على الديمقراطيات الهشة، التي قد تقول فيها أغلبية ما، كما جرى في لبنان والعراق مثلاً، وكذلك في مصر، إبان حكم «الإخوان المسلمين»، قولاً منحرفاً، فيظهر من لا تعرف هويه ولا ولاءه وانتماءه ولا تعرف نواياه، ليعبث بالوطن وشعبه وأمنه، ومكانته ومستقبله، وتصبح دولة عظيمة كبيرة بحجم مصر مثلاً، بيد «مرشد» قابع في الظلمة، يُدار من قبل شخص أو جهة أخرى!!
ديمقراطية الإمارات، هي الثقة الكاملة التي لا يدانيها الشك والظن، بأن صاحب السمو رئيس الدولة «المنتخب» وكذلك نائبه صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء «المنتخب»، سوف يختارون بأمانة وصدق وعدل ليس لها حدود، أفضل الموظفين وأكثرهم كفاءة ونزاهة، لتولي المسؤولية في الوزارات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية، وتحت طائلة المراقبة والتقييم والمحاسبة، فيختار هؤلاء، وفي ظل ذات المعايير، الأكثر كفاءة وقدرة ومهارة، لتنفيذ السياسات والخطط والاستراتيجيات، وكذلك القوانين والتشريعات، التي تصدر عن المجلس الوطني الاتحادي «المنتخب»، وهو السلطة الاتحادية الرابعة، الذي يناقش أيضاً قضايا المواطنين واحتياجاتهم، كما يعزز فاعلية مختلف الأجهزة التنفيذية وتعزيز الاستثمار في مجالات التنمية البشرية والبنية التحتية، وتطوير آليات المشاركة السياسية وغيرها.
ديمقراطية الإمارات، خلال خمسين عاماً، وفي ظل هذا النسق الفريد، تمكنت أن تجعل من دولة الإمارات العربية المتحدة، نموذجاً متفرداً، ليس في الإنجازات الحقيقية التي وضعتها في مصاف الدول القوية والمؤثرة والمتقدمة فحسب، بل نموذج عالمي إبداعي متميز، لأنظمة الحكم الديمقراطية، القائمة على العدل والإنصاف، والكفاءة والنزاهة، والمسؤولية والرقابة والتقييم والمحاسبة، في منظومة «عقد اجتماعي»، بين الحاكم والمحكوم، ليس للفيلسوف الأثيني سولون، أو لميكافيلي وجون لوك، إلا إبداء الإعجاب منقطع النظير، في صياغته ليناسب شعب الإمارات وهويتهم وتاريخهم، وما يريدونه لأنفسهم، وما يطمحون لتحقيقه.
الحقيقة التي يجب أن يعرفها القاصي قبل الداني، والدول البعيدة قبل القريبة، أننا نفتخر بديمقراطية الإمارات، التي تحميها القوات المسلحة والقضاء العادل والقيم الإماراتية الأصيلة، وأننا جميعاً نعاهد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، أن يمتد هذا الفخر والاعتزاز إلى أبنائنا وأحفادنا، ليحملوا راية الوطن الغالي، بذات العزم والصدق والأمل، ليكون مستقبل الإمارات، كما يريده سموه، مشرقاً متوهجاً مزدهراً متفوقاً.
* لواء ركن طيار متقاعد