يصبح الطالب مسؤولاً بشخصه عن أفعاله المجرّمة اعتباراً من عامه المدرسي الخامس. ويتشدّد القانون معه بدخوله الصف العاشر. وقُبيل تخرّجه ودخوله المجتمع تكتمل مسؤوليته الجنائية مثله مثل مدير مدرسته، مع استثناء يَردُ على جرائم القصاص التي يُحاسب عليها بدءاً من الصف الثامن كأي بالغٍ راشد. 
أما مدنياً، فوليُّ أَمْره مسؤولٌ عن جبر أي ضرر تسبّب به ولو كان في الروضة. ويظل الوضع هكذا إلى عامه الجامعي الثاني. ومع ذلك، يحق له قانوناً تكوين أسرة في عامه المدرسي الأخير أو بُعيد تخرّجه، ويمكن له إبرام عقد الزواج دون موافقة ولي أمره أو حتى علمه. 
وما يجوز وما لا يجوز للإنسان، وما يكون أهلاً وما لا يكون أهلاً له، لا يختلف وفقاً لمراحل تعليمه وإنما تبعاً لسنوات عمره، والقصد أنّ ثمة أمراً مصيرياً في حياة الطالب، لكن لا يسمع عنه كلمة واحدة طوال أعوامه المدرسية. وهكذا مع حقوقه التي تبدأ منذ لحظة تكوّنه جنيناً في بطن أمه إلى أن يُوضع في باطن الأرض، ولا يسمع أيضاً شيئاً عنها.
فإذا كانت الغاية من المدرسة هي تسليح الطالب بالعلم الكافي لتدبير حياته، فهل يمكن تسليحه ما دام لا يدري ما له وما عليه؟ ففي المناهج التعليمية لا يوجد إلا بعض الدروس عن الفيدرالية ودستور الدولة والمواطنة الرقمية، وبعض الدروس في أحكام الزواج والطلاق، وبعض أنواع العقود والقواعد الفقهية، مع غياب البُعد القانوني فيها. 
العلم بالقانون لا يقل أهمية للطالب عن علمه بأساليب البلاغة، أو بأسباب كثافة السكان في مناطق سهول الأنهار، أو بملابسات معركة نيقوبولس. وتشتد أهمية إلمام الطالب بقوانين بلده كلما اختلط بالثقافات الأخرى، فقوانين أي بلد تُستقى من ثقافة أهله وقيمهم، ومع حقيقة الازدواج الثقافي للأجيال الجديدة، فمن الوارد وقوع بعضهم في اللبس القانوني، ثم المحظور القانوني. 
ولم تكن أجيالنا في حاجة لزيارة المحاكم لأخذ تصوّر عن المنظومة القضائية، إذ كنا نتعرّف على جوانب منها من خلال التلفزيون، بينما طالب اليوم قد لا يعرف أنّ المحكمة القريبة لا توجد بها منصة لهيئة المحلّفين كالتي يراها في المسلسلات والأفلام الغربية.
ويمكن تدريس القانون اعتباراً من الصف السابع من خلال منهج مبسط وأنشطة ومسرحيات. ويمكن إدراجه ضمن المواد التي لا امتحان فيها ولا معلمين مخصصين لها، كمادتي التربية الأخلاقية والسنع، والاستعانة بمجتمع القانونيين في مقابل حوافز تشجيعية. ويمكن الاطلاع على التجربة السعودية في هذا الصدد. 
من شأن تدريس القانون تأسيس جيل واعٍ ومسؤول يحتكم إلى القانون ويحترمه. وقد يحدّ تدريس القانون من سلوكيات التنمّر والضرب والتصوير بغير إذن وتداول الممنوعات، وكذلك من الجريمة في مرحلة المراهقة، وهي الجريمة التي قد تؤثر على مستقبل الطالب أو شخصيته، ولا سيما أنّ القانون لا يقبل الاعتذار بعدم العلم به، ولا فرق في هذا بين طالب مدرسة ومحامٍ قدير. 
وقد تكون هذه فرصة الطالب الوحيدة لمعرفة القانون، إذ بالتخرّج يتجه إلى الوظيفة أو استكمال تعليمه الجامعي في تخصص ما، فإذا به في النهاية طبيباً أو سفيراً أو موظفاً.. لكنه يعاني الأمية القانونية. 

*كاتب إماراتي