في يوم 16 مايو، احتفل سلفدور راموس بعيد ميلاده الثامن عشر. وفي اليوم التالي قصد متجراً مرخصاً لبيع الأسلحة في يوفالدي بولاية تكساس، واشترى منه بندقيةً هجوميةً شبه أوتوماتيكية من طراز «إي آر 15». كما اشترى 375 طلقةً من الذخيرة في مخازن يحتوى كل واحد منها على 30 رصاصة. وبعد ثلاثة أيام اشترى بندقية أخرى من الطراز ذاته («إيه آر 15»). وفي يوم 24 مايو قام بإطلاق النار وقتل 18 طالباً ومعلمتين في مدرسة ابتدائية محلية. 
اقتناء راموس للأسلحة والذخيرة كان قانونياً تماماً. وكذلك الأسلحة التي استُخدمت في معظم حوادث إطلاق النار الجماعية التي وقعت مؤخراً في أميركا، اقتُنيت هي أيضاً بشكل قانوني. وما زال الناس في العالم، ومعهم معظم الأميركيين، يتساءلون: متى ستتوقف هذه المذابح؟ 
الواقع أن الجدل حول تنظيم بيع الأسلحة واستخدامها في أميركا ليس بالأمر الجديد، غير أنه على مدى العقدين الماضيين أصبحت قوانين الأسلحة في معظم الولايات الأميركية أكثر ليونةً، مما سهّل ليس شراء السلاح فحسب وإنما حمله علناً في معظم الفضاءات العامة. سلوك لا يقبله أي بلد من البلدان المتقدمة الأخرى. لكن قوة اللوبي المؤيد للأسلحة أثبتت مراراً وتكراراً أنه قادر على إيقاف وعرقلة أي جهود تهدف إلى تمرير قوانين مقيِّدة لامتلاك السلاح. وقد كان هذا الضغط الذي تمارسه هذه اللوبيات ناجحاً وفعالاً على الرغم من أن استطلاعات الرأي تُظهر بأن أغلبية الأميركيين، بمن فيهم مالكو الأسلحة، يؤيدون قوانين معقولةً بخصوص حيازة الأسلحة.
المشكلة هي أن معظم أعضاء الكونجرس، لا سيما في الحزب الجمهوري، غير مستعدين لدعم قوانين جديدة في هذا الصدد، لأنهم يعلمون أنهم سيواجهون معاملةً سيئةً وشرسةً من أشد أنصار السلاح تعصباً، إن فعلوا ذلك. ويخشون أنه تحت هذه الظروف يمكن أن يواجهوا تحدياً في إعادة ترشيحهم في الانتخابات التمهيدية من قبل مرشحين يتبنون مواقف أكثر تطرفاً. 
الحجة الأكثر شيوعاً التي يدفع بها الجمهوريون المتشددون، بما في ذلك الرئيس السابق دونالد ترامب، هي أن المشكلةَ تتمثل في الصحة العقلية، وتراجع القيم العائلية، وحالة التسيب وانعدام القانون المستشرية في المدن الأميركية. لكن فوق ذلك كله، هناك إيمان قوي يكاد يكون دينياً بقدسية التعديل الثاني للدستور الأميركي، والذي يقول: «إن وجود مليشيا منظمة تنظيماً جيداً ضروري لأمن دولة حرة، وحق الناس في الاحتفاظ بأسلحة وحملها حق لا يجوز انتهاكه». 
معنى هذا التعديل بالضبط كان موضوع عدة آراء قانونية على مدى السنوات، لكن ما هو واضح هو أنه في عام 1791، عندما أصبح التعديل جزءاً من الدستور، كان فهم المقصود بمصطلح «أسلحة» مختلفاً جداً عن الواقع في عام 2022. ففي القرن الثامن عشر، كانت الرصاصات كروية تعبأ في بندقية تقليدية، كل واحدة على حدة. وكان الجندي المدرب جيداً يستطيع إطلاق 4 طلقات في الدقيقة. وبالمقابل، تطلق بندقية «إيه آر 15» شبه الأوتوماتيكية حوالي 45 رصاصة في الدقيقة، ولا تتطلب أياً من المهارات التي يتطلبها إطلاق النار باستخدام بندقية تقليدية. ومع إدخال بعض التعديلات الطفيفة على المخزن والبندقية، يصبح من الممكن بلوغ معدل أعلى بكثير من إطلاق النار، ويستطيع الكثير من مرتكبي أعمال إطلاق النار الجماعي إجراءَ هذه التعديلات مع ما ينطوي عليه ذلك من إحداث تأثير مدمر. 
في عام 1994، مُرر حظر على بيع البنادق الهجومية من قبل الكونجرس الأميركي. وعندما انقضت مدة صلاحية ذاك القانون في 2004، لم يتم تجديده بسبب الضغط القوي الذي مارسه لوبي الأسلحة، ولم يكن من الممكن أبداً من الناحية السياسية إعادة سنّ ذاك القانون. والسؤال الذي يُطرح الآن هو ما إن كانت أعمال القتل في تكساس، والتي سبقتها حوادثُ إطلاق نار جماعي أخرى هذا العام، مثل الهجوم العنصري على متجر في بوفالو بولاية نيويورك يرتاده الأميركيون السود يوم 14 مايو الماضي، ستُحدث أيَّ فرق في سلوك الكونجرس؟ 
الواقع أن هول وفظاعة أعمال القتل التي شهدتها يوفالدي قد تدفع بعض «الجمهوريين» إلى التفكير في إمكانية قوانين سلاح أشد وأكثر صرامة. ذلك أن مشاعر الغضب التي ظهرت في البلاد بسبب حادث إطلاق النار هذا كانت قوية للغاية. ولكن الحقيقة المحزنة هي أنه إذا لم يعانِ السياسيون في صناديق الاقتراع بسبب آرائهم ومواقفهم المؤيدة للأسلحة، فإنه لن يتغير الكثير على الأرجح. وبذلك يظل النضال من أجل التغيير منوطاً بجيل الشباب الأميركي من أجل وضع حد لهذا النموذج المأساوي والفريد من الاستثناء الأميركي.


*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال إنترست» -واشنطن