تعد انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية مسؤولة بشكل مباشر عن الظروف الجافة طويلة المدى في حوض البحر المتوسط ​​وزيادة هطول الأمطار على بقية أوروبا خلال فصل الشتاء، وفقا لدراسة أجراها مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة.
وقال مكتب الأرصاد الجوية في بيان إن الدراسة، التي نُشرت في مجلة «المناخ»، هي الأولى التي تُظهر العلاقة المباشرة بين اتجاهات هطول الأمطار الموسمية في أوروبا وتغير المناخ، حيث قارن العلماء سيناريوهات المناخ مع التأثير البشري وبدونه.
قال نيكوس كريستيديس، المؤلف الرئيس وعالِم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية: «مع هذا التحديد الواضح لدور غازات الدفيئة، تقدم هذه الدراسة دليلا آخر على أن التغييرات في أنماط هطول الأمطار في أوروبا ستستمر مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي».
يثق العلماء تماما في أن تغير المناخ من صنع الإنسان له تأثير على أنماط هطول الأمطار على الأرض، وفقا لاستنتاجات التقرير الأخير الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي تدعمها الأمم المتحدة. بيد أنه كان من الصعب اكتشاف الآثار الإقليمية لهذا الاتجاه العالمي، مما يجعل من الصعب التوصل إلى استراتيجيات التخفيف لمساعدة البيئة والسكان المعرضين للخطر.
نظرت الدراسة في وتيرة هطول الأمطار الموسمية في أوروبا منذ بداية القرن العشرين. ووجدت أن حوض البحر المتوسط ​​يزداد جفافا، في حين أن بقية القارة تزداد رطوبة. هذا الاتجاه يكون أقوى في الشتاء وأضعف في الصيف، عندما ينتشر الجفاف في جميع أنحاء أوروبا.
مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يتبخر الماء ويزداد بخار الماء بنسبة 6-7%، وفقا لبحث ورد في الدراسة. وتؤدي الرطوبة العالية في الهواء إلى تغيرات في أنماط هطول الأمطار.
باستخدام جيل جديد من النماذج المناخية، تمكن العلماء من وضع سيناريو يتم فيه إزالة التأثير البشري على المناخ، وآخر حيث يتأثر المناخ فقط بالهباء الجوي والثالث، حيث يتأثر بالهباء الجوي وغازات الاحتباس الحراري. وخلصوا إلى أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كانت المساهم الرئيسي في هذا الاتجاه، ولكن أضعفها أيضا الهباء الجوي، الذي له تأثير يعمل على تبريد الكوكب.

وخلصت الدراسة إلى مفارقة مفادها أنه بينما يسعى فيه العالم - وخاصة أوروبا - إلى تحسين جودة الهواء في المدن وتقييد الانبعاثات من النشاط الصناعي، فإن التغيرات في هطول الأمطار ستتسارع، بسبب انخفاض كمية الهباء الجوي الملوث. هذا، إلى جانب استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يعني أن هناك خطراً متزايداً لحدوث مواسم شديدة الجفاف في البحر المتوسط ومواسم شديدة الأمطار في أماكن أخرى من أوروبا. وقال التقرير إنه حتى في البلدان القادرة نسبيا على التكيف مع المناخ المتغير، قد تظل المجتمعات معرضة للخطر بشكل كبير.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»