يعتقد الكثير من الخليجيين أن إعلامهم غير قادر عن نقل صورة بلدانهم الحقيقة إقليمياً وعالمياً. يظنون أن أجهزتهم الإعلامية غير قادرة على تنوير الآخر القريب والبعيد بما يتمتع به الفرد الخليجي من رضا سياسي في محيط دولته، وتقبل للآخر المختلف داخل وخارج دولته، وتنعّم فني وثقافي يتناسب مع ماضيه ومستقبله، وتسامح ديني مع من يختلف معه في المذاهب والأديان.

ويعتقدون أيضاً أن الأذرع الاتصالية الخليجية فشلت في مواجهة بيانات المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان التي تخرج بين الحين والآخر بمعلومات وأخبار «لا أساس لها على أرض الواقع» عن حالة حقوق الإنسان في الدول الخليجية.

ظنون ربما في محلها، إلاّ أن لي في هذه المقالة عدة نظرات حول هذا الموضوع. النظرة الأولى: ليس هناك منظومة إعلامية فوق هذا الكوكب قادرة على نقل الصورة الجيدة للبلد الذي تنطلق منه باستثناء إعلام أربع دول فقط، هي أميركا وبريطانيا وفرنسا وتقريباً ألمانيا.

هذه الدول هي الوحيدة القادرة على تمرير أجنداتها السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية من خلال خط إعلامي ذي مسار واحد، لأن وسائلها الإعلامية تُعد بمثابة «نافذة معرفة» لأغلب مواطني العالم. أما بقية دول العالم، ومنها دول في العالم الأول، فهي لا تمتلك هذه القدرة الاتصالية عبر وسائل الاتصال الجماهيري التي تعمل تحت فضاءاتها الحكومية والخاصة.

هل يصلنا إعلام روسيا؟ هل يصلنا إعلام الصين؟ هل يصلنا إعلام الدانمارك أو السويد أو النرويج؟ الإجابة هي لا. النظرة الثانية: دول الخليج ليست أميركا، حيث تحتل «نيويورك تايمز» و«سي إن إن» و«التايم» و«وول ستريت جورنال» رأس الحربة في المواجهة الإعلامية.

وليست بريطانيا حيث التيليغراف والتايمز والإندبندنت تمثل جدران حماية للداخل البريطاني. دول الخليج ما زالت تصنع إعلامها طوبة طوبة وهذا الأمر قد يستغرق سنوات عديدة، لذلك فبدلاً من لوم الإعلام لابد من التوجه إلى مسارات جديدة تنقل الصورة الحقيقية لطبيعة الحياة في الخليج وتُغير المفاهيم المغلوطة عن البناءات الاجتماعية والسياسية به. النظرة الثالثة: الوصول للآخر وتغيير «صورتك النمطية» في خياله يتم بوسائل أخرى ليس من بينها حزمة «فنون الصحافة»، فنحن كما اتفقنا لسنا قادرين كما الدول الأربع المذكورة على الوصول بالإعلام المجرد.

في المقابل نحن قادرون على التأثير في الآخر من خلال تحميل إعلامنا المحلي بقيّم ثقافية وفنية فكرية ورياضية للتأثير في المواطن الجار القريب، وتفعيل نشاطات العلاقات العامة للوصول إلى المواطن الكوني البعيد العلاقات العامة (أو نشاطات عمليات الاتصال المدروسة بعناية)هي الوحيدة القادرة على خلق صورة نمطية للمواطن الخليجي في عيون الآخرين، من خلال تصدير فنه وثقافته وفكره وحضارته إلى العالم، وربط قضاياه العادلة بهذه الصورة النمطية المنفتحة والصديقة للآخر أياً كان موقعه على هذه المعمورة. إنها العلاقات العامة؟! فمتى نتعلقعم؟

* كاتب سعودي