وسط صخب الأزمة الروسية – الأوكرانية، وهدير المعارك، توارت الأصوات المنذرة والمحذرة من المعركة الأشد هولا، تلك التي تترصد البشرية خلف الباب الإيكولوجي، مشتهية أن تتسيد عليه. هل سيظل الاحتباس الحراري قدرا ملازما للإنسانية وما من أمل في الخلاص منه، مع ما لذلك من تبعات مثيرة للقلق والخوف، ودافعة لتوقع المزيد من الحروب والصراعات؟
هذا ما أكده اجتماع وزراء البيئة والطاقة وحماية المناخ في دول مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، الأسبوع الفائت وتولى الجانب الألماني قراءة مانيفستو المناخ الغاضب إن جاز التعبير على بقية أعضاء الأسرة البشرية.
عند روبرت هابيك، وزير الاقتصاد وحماية المناخ، أن مكافحة التغير المناخي ستقتصر على الحد من الاحتباس الحراري وليس التخلص منه.
هابيك هو نائب المستشار الألماني أولاف شولتس، ويقطع أيضا بأنه «ربما لا يزال من الممكن أن نصلح أخطاء الماضي، لكن من غير الممكن أن نوقف حدوثها، فانعدام الاحتباس الحراري لم يعد خيارا مطروحا».
تبدو الحقيقة أول الأمر وآخره صادمة، ذلك أنه خلال انعقاد مؤتمر غلاسكو في نوفمبر الماضي، ضرب الكثيرون عرض الحائط بمقررات المؤتمر الأممي، وأعلنت دول كبرى مثل الصين، رفع مقررات ومقدرات استخدامها من الكربون الملوث للبيئة، تعويضا عن نقص الكهرباء والطاقة، اللذان تبعا جائحة كوفيد- 19.
اليوم، وبعد اندلاع معركة الطاقة في أوروبا، ومحاولة العديد من الدول الأوروبية، تأمين احتياجات الشتاء القادم، وبخاصة في ضوء تهديدات بوتين، بإغلاق خطوط أنابيب النفط والغاز، سيكون من الطبيعي اللجوء ومن جديد إلى الفحم، ولتذهب الطبيعة ما شاء لها أن تذهب.
الوضع في الداخل الأميركي ليس أفضل حالا من أوروبا، لا سيما مع ارتفاع أسعار الطاقة، والاستعداد لدخول فصل الشتاء، وسط أسعار غير اعتيادية في دول – قارية، لا غنى فيها عن وسائل النقل العامة والخاصة، وجميعها تخفق من غير النفط.
أزمة أميركا مع المناخ في واقع الأمر لن تنتظر فصل الشتاء، إذ من المتوقع أن يشهد الصيف الحالي في الولايات المتحدة، موسماً كارثياً من الأعاصير، والتحذير هنا لعلماء من «الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي»، وهي خدمة الأرصاد الجوية الأميركية.
تبدو درجات حرارة المحيطات المرتفعة، الأطلنطي من الشرق والهادئ من الغرب، سبباً رئيساً في توالد ظاهرة النينو من جديد، وعليه فإنه من المحتمل تعرض ولايات أميركية عدة بعضها لأعاصير عاتية، وأخرى لحرائق واسعة وشاسعة.
هل يعني ذلك ضمن ما يعني أننا شرق أوسطياً سنعاني من صيف قائظ؟
يخشى المرء أن يمضي الأمر على هذا النحو، ما يستدعي التعجيل على كافة مشروعات مكافحة التغير المناخي، وفي المقدمة منها العمل الحثيث على أمرين لا ثالث لهما:
أولا: الاستعانة بأحدث تكنولوجيات تحلية مياه البحار، بهدف استزراع أكبر قدر ممكن من المساحات الصحراوية، بالمحاصيل المقاومة للتغيرات المناخية وتجنب أزمة الغذاء العالمي.
ثانيا: التعجيل بمشروعات التشجير، على مختلف أنواعها، ناهيك عن اللجوء إلى فكرة زراعة الغابات الكثيفة، عبر استخدام مياه الصرف الصحي المعاد تدويرها.
وبين هذا وذاك، تبدو هناك حاجة كذلك للحفاظ على موارد الطاقة القابلة للاستنفاد، والاستعانة بالطاقة النظيفة، ووضع الخطط البديلة للتحول إلى الطاقة الكهربائية.
البشرية أمام خطر داهم ولن نفاجئ لو رأينا الفضائيين يشتكون منا أو يتشكون علينا، وربما يهاجموننا كما في أفلام الخيال العلمي.
أمنا الأرض تتألم فهل من يداوي؟
* كاتب مصري