أولا، لا علاقة لشيبوب باليمن، وكونه شخصية هامشية في سيرة عنترة فارس بني عبس، فلذلك قررت إقحامه في مقالي ولأسباب ستتضح لاحقا، مع الاعتذار لشخصه وشخصيته. عندما يتطرق الأوروبيون للشأن العربي، نجد الحذر يسبق السؤال في الكثير من الأمور، خصوصا عندما يتعلق بأمر يمس الأمن القومي من منظورنا كالملف اليمني. ومثالاً على ذلك الموقف من أنصار الله (الحوثي)، فهل نراه تنظيماً سياسياً يمنياً (حزب سياسي مدني) لديه رؤيته الوطنية أم هو تنظيم مسلح «مارق» مماثل لتنظيم «حزب الله» في لبنان أو مشتقاته في العراق.

يُجمع المجتمع الدولي على أن تنظيم «الحوثي» لا يحترم تعهداته الوطنية والإقليمية او الدولية، ويمارس البلطجة الإقليمية منفرداً أو بالتنسيق مع حليفته طهران، ويهدد أمن الملاحة الدولية، ويمارس القرصنة والاتجار في البشر، ذلك بالإضافة لتهريب السلاح والاتجار في المخدرات. واستطاع هذا التنظيم عبر الاستحواذ القسري على السلطة، أن يفرض نفسه طرفاً مهيمناً على الساحة اليمنية، ومحاكياً في ذلك تنظيماتٍ مشابهة له في لبنان والعراق.

وخلال لقاء مع أحد ممثلي هذا التنظيم، كان لي سؤال: ما هو المشروع السياسي لأنصار الله؟ فجاء الجواب: أنصار الله ليس حزباً سياسياً بل حركة شعبية، وسيبقى الأنصار كذلك. أي انهم سيكونون بمثابة صانعي كل السياسة دون تحمل مسؤولية سياسية مباشرة (لبنان والعراق).

إلا أننا يجب أن ندرك أن أهم أسباب نجاح «الحوثي» يرجع لفشل نموذج الدولة لا قوته العسكرية أو اتساع قواعده الشعبية، أما السبب الثاني لنجاحه فهو جشع أمراء السياسة والحرب اليمنيين، وآخرهم، فهو على عبدالله صالح، والذي قبلنا بمعادلته (حبس اليمن في زنزانة القبيلة والمناطقية) دون احتساب مخاطر ذلك على استقرار اليمن وعلى أمننا القومي. على عبدالله صالح كان في حاجة لعدو داخلي لاستدامة نظامه السياسي بعد عزلته السياسية نتيجة موقفه من احتلال الكويت، وضمه النهائي للجنوب بعد حرب 1994، وتبريراً لسوء إدارته للبلاد وطنياً، وعلاقاتها الإقليمية والدولية. لذلك مثّلت الحرب على الإرهاب منجاة لنظامه المتهالك.

و«الحوثي» استحلى اللعبة وطور براغماتية متناسبة والتوظيف الأنسب للتناقضات الإقليمية والمظلومية الشيعية. وكذلك طور «حزب الإصلاح» اليمني دوراً مماثلاً عبر توطين منتسبي تنظيم «القاعدة» (عرب وغيرهم) في اليمن لتكون له ذراعة العسكرية (رحلات الخطوط الجوية اليمنية القادمة من باكستان تشهد على ذلك، وخصوصا رحلة فجر يوم الجمعة وبصحبة قيادي من الإصلاح).

على عبدالله صالح وجد أن دور مروّض التنظيمات سيدفع بدول جواره دفع الإتاوات حينما يطلب تفادياً إطلاقه يد «الحوثي» و«القاعدة»، أو عبر تهديد مصالح دول صديقة في البحر. الآن نحن أمام مشهد مغاير تماماً، فـ«عاصفة الحزم» نجحت في تحقيق هدفين استراتيجيين، أولهما احتواء الأزمة اليمنية داخل الجغرافيا اليمنية، وثانيهما، إفشال وليس تأجيل نموذج سياسي مماثل لواقع لبنان والعراق.

وحزب الإصلاح قد اثبت قبوله تقاسم السلطة مع حليفه الحوثي عبر تفاهمات صاحبت كل المسارات العسكرية والسياسية. «الحوثي» يملك الكثير من الأوراق السياسية، إلا أنه ليس بالضرورة عنترة، ومشروعة السياسي هو الإمساك بمقدرات الدولة، وكل أمثاله في العراق ولبنان أثبتوا فشلهم في إدارة تلك المقدرات، وكانوا أقرب لشخصية شيبوب في ادعاء الفروسية.

*كاتب بحريني