حذر بيل جيتس مجموعة من رواد الأعمال المغامرين في مجال التنمية الخضراء في الأيام القليلة الماضية قائلاً: «سنمر بفترة بيات لعدة سنوات».

وفي منتدى عقده موقع «تك كرانش TechCrunch» لأنباء التكنولوجيا والشركات الناشئة، عبر جيتس عن أسفه من أن نجاح رواد الأعمال هؤلاء جاء في توقيت سيئ. ويستعد وادي السيليكون لحدوث هبوط اقتصادي حاد، وقد يمسك بتلابيب العاملين في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء هاجس تكرار ما حدث من تدهور في الماضي. فقبل 15 عاماً، بدأ أصحاب رؤوس الأموال المغامرة إنشاء صناديق خاصة للاستثمار في هذا القطاع، لكنها اختفت فحسب حين ساءت أحوال السوق.

وفي السنوات القليلة الماضية، حدثت طفرة أخرى في تكنولوجيا المناخ مع ضخ مليارات الدولارات في الشركات التي تكرس جهدها للطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.

والآن، مع الدوامة التي تعصف بالأسواق، يجادل خبراء مخضرمون في الصناعة أن هناك أموالاً ومجموعة أوسع وأعمق من الداعمين الماليين كافية لتجنب تكرار ما حدث من قبل. ويعتقد بيل ليز، الشريك الإداري في شركة «بريمار إنيرجي فينشرز»، التي تركز اهتمامها على التكنولوجيا والاتصالات في قطاع الطاقة، أن هناك اهتماماً كبيراً للغاية بالعودة إلى التجربة الأولى للتكنولوجيا النظيفة. وخلال هذه التجربة الأولى، كانت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية باهظة الكلفة ولم تثبت جدواها، واحتاجت شركة تسلا إلى قرض حكومي.

أما هذه المرة، فأصبحت مصادر الطاقة المتجددة أرخص من الوقود الأحفوري. وقبل عقد، كان «بيتر جايدوش»، المسؤول عن شؤون المناخ في شركة رأس المال الاستثماري «فيفث وول»، يعمل في «صندوق فيرجن جرين» المملوك لريتشارد برانسون، وكان بمثابة أداة استثمارية كانت تمتلك حينذاك 220 مليون دولار، وكان واحدة من أكبر الشركات آنذاك. ويعمل «جايدوش» الآن في شركة تستهدف ضعف هذا المبلغ لصندوق واحد.

والصندوق يستثمر في الشركات التي تعمل على تطوير الشبكات الذكية والمحركات الصناعية وإنتاج الأسمنت. وذكرت خدمة «تمويل الطاقة الجديدة في بلومبيرج»، لأبحاث الطاقة النظيفة، أن الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ جمعت 53.7 مليار دولار عام 2021 متضمنة قدراً هائلاً من المال للدراجات الكهربائية ومنتجي لحوم الدجاج الاصطناعية.

وعلى عكس الطفرة السابقة، يشمل هذا التدفق مديري الأصول والشركات الكبرى التي تدعم الحلول لأزمة المناخ لتحقيق الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة. وأدى هذا إلى تعهدات مالية ضخمة لم يتم استثمارها بعد، وكان هذا غائباً في الاندفاع الأول للتكنولوجيا النظيفة. ويرى جيم كابسيس، الخبير المخضرم في شركة «أوباور» الرائدة في مجال التكنولوجيا النظيفة وهو يدير أيضاً شركة «آد هوك جروب» الاستشارية أن «هذا مختلف جوهرياً».

وهناك أيضاً شعور سائد بأن القطاع قد يحقق تميزاً، بينما يتعثر آخرون في صناعة البرامج التطبيقية أو تكنولوجيا العملات المشفرة أو البرامج التطبيقية للأعمال. وأعطت صدمة أسعار الغاز والحرب في أوكرانيا دفعة لمصادر الطاقة المتجددة. وهذا لا يعني أن تكنولوجيا المناخ تتمتع بمناعة ضد الأضرار. ففي مايو، بدأ مستثمرو سوق الأوراق المالية سحب الأموال من صناديق الأسهم الخاصة بالأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة.

وتباطأ تمويل رأس المال الاستثماري في القطاع في بداية عام 2022، وفقاً لتقرير أصدرته في الآونة الأخيرة شركة «بتشبوك» للاستشارات الاستثمارية. وينصح المستثمرون الشركات الناشئة في مجال المناخ بالتحلي بتحفظ أكبر فيما يتعلق بأموالهم. ويتحدثون عن «تحديد الحجم» و«التوجه إلى الجودة».

ودعمت شركة «فوياجر فينشرز»- وهي واحدة من الصناديق الحديثة التي تركز على المناخ والتي جمعت 100 مليون دولار في أبريل- الشركات الناشئة التي تعمل على برامج كفاءة الطاقة والإنتاج الخالي من الكربون للنيكل الذي يتأرجح سعره كثيراً. وأكدت التقلبات في أسواق الطاقة فحسب قيمة محفظتها، ولا سيما في أوروبا، بحسب قول سارة سكلارسيك، المشاركة في تأسيس شركة «فوياجر فينشرز».

وأضافت شريكتها، سييرا بيترسون، قائلة: «الاتجاهات الكبيرة تشير فحسب نحو هذا». ويؤكد شركاء أنهم لم يغيروا استراتيجيتهم على الرغم من الانكماش في الآونة الأخيرة. ولم يتطرق الكلام إلى تغيير المسار أو الحجم الصحيح في المنتدى الذي عقده موقع «تيك كرانش» في الأيام القليلة الماضية.

وتزعم المستثمر جايدوش جلسة بعنوان «لماذا يتعين أن يأتي رائد الأعمال الكبير التالي من تكنولوجيا المناخ». وخارج الجلسة، ذكر أن كثيرين من داعمي شركائه المحدودين الذين يفرون من التكنولوجيا ما زالوا يخصصون الأموال لصناديق المناخ نتيجة تعهدات الشركات والحكومات بالحد من الانبعاثات. وبعض الشركاء المحدودين يتقاعسون، لكن ليس بالدرجة التي وصلوا إليها خلال فترة الانهيار السابق للتكنولوجيا النظيفة. كما أنه يعتقد أن القطاع يعمل الآن خارج نطاق دورات السوق المعتادة.

وأكد جايدوش أن «المناخ لا يكترث للتضخم. فالمحيطات ترتفع درجة حرارتها والغابات تحترق. وهذه مشكلات مازالت قائمة، ويتعين على شخص ما حلها، وهذا يخلق فرصاً».

*صحفي أميركي يغطي شؤون التكنولوجيا.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»