تُقدِّم دولة الإمارات العربية المتحدة النموذج الأكمل لترجمة أقوالها وتعهّداتها إلى أفعال، وهو ما يُعدُّ واحداً من الأسس القوية، لما تحظى به من مصداقية واحترام متناميين لدى دول العالم والمجتمع الدولي. ويُمثِّل حرص الدولة الطوعي على الوفاء بالتزاماتها الدولية، في قضايا تُسهم في تحسين مستقبل الإنسانية، مثل «التغيّر المناخي»، أحد المظاهر البارزة على نهجها الثابت في ضمان ظروف أفضل لحياة الأجيال القادمة حول العالم على امتداد آلاف السنين.

وخلال مشاركته في «منتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغيّر المناخ»، الجمعة الماضية، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»: إنّ «دولة الإمارات تنظر إلى العمل المناخي كونه فرصة لدفع مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية نحو آفاق جديدة، بالتركيز على حلول عملية يمكن لجميع الدول الاستفادة منها». وأضاف سموه أنّ «الإمارات مُلتزمة تحقيق مسار تنموي منخفض الانبعاثات، وستعمل على تحديث وتقديم إسهاماتها المحدّدة وطنيًّا، بحسب الجدول الزمني المتّفق عليه».

وبعد يومين من حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «حفظه الله»، كانت «مؤسّسة الإمارات للطاقة النووية» تُعلن بدء تحميل حزم الوقود النووي في المحطة النووية الثالثة في «براكة»، تمهيداً لبدء تشغيلها وإنتاج الكهرباء الصديقة للبيئة منها في نهاية العام الحالي. وبذلك، قطعت الدولة خطوة جديدة نحو تحقيق هدفها المتمثّل في تخفيض ما يزيد على 22 مليون طنّ من الانبعاثات الكربونية سنويّاً، وإنتاج طاقة كهربائية نظيفة وصديقة للبيئة تصِل إلى ربع احتياجات الدولة من الكهرباء، مع ضمان أعلى درجات الأمن والسلامة في تشغيل المحطات النووية.

وتُمثّل تجربة الإمارات في الاستفادة من إمكانات الطاقة النووية، والتطور السريع الذي أحرزته مسيرتها في هذا الصدد، نموذجاً للنجاح في تحقيق أهداف عدة، ففضلاً عن التزامها بالتعهّدات الدولية الخاصة بالحفاظ على البيئة والحدّ ممّا تواجهه من تدهور، فإن الجدوى الاقتصادية لإنتاج الطاقة المتجدّدة عنصر لا يقلّ أهميةً، إذ مثّلت تجربة الدولة في استخدام الطاقة النووية قوة دافعة لتجارب ودراسات وإنجازات أخرى على طريق تعظيم مساهمة الطاقة المتجدّدة في تلبية احتياجات الدولة، وترسيخ أُسس اقتصاد المعرفة، وإعداد الكوادر البشرية القادرة على تحقيق تطور مُستدام في هذا القطاع الحيوي.

من جانب آخر، تأكدت جدوى استثمارات الإمارات الطموحة في الطاقة النووية أكثر، خلال مناسبات ومراحل عدة، كان آخرها القفزات الكبيرة التي طرأت على أسعار النفط والغاز وغيرهما من مصادر الطاقة التقليدية، الأمر الذي أكد أهمية الطاقة المتجدّدة في تجنّب هزّاتٍ، لا يبدو أنها يمكن أن تنتهي في أجل قريب.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.