أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أنه كي تبلغ قيمة اقتصاد الهند 5 تريليونات دولار، يتعين على جميع ولايات البلاد تحديدَ أهداف في الوقت الذي تخرج فيه البلاد من اضطرابات «كوفيد-19».

وتتوقع الحكومة أن تصبح الهند اقتصاداً بقيمة خمسة تريليونات دولار بحلول عام 2026، وعشرة تريليونات دولار بحلول عام 2033. والهند في وضع أفضل من اقتصادات ناشئة أخرى كثيرة على الرغم من «كوفيد-19» وبعض الاضطرابات الأخرى مثل حرب أوكرانيا. وتباطأ نمو الهند في الربع الأخير من العام الماضي إلى 4.1%، بسبب متحور أوميكرون وأزمة روسيا وأوكرانيا التي عمّقت غلاء أسعار الوقود والغذاء.

وذكرت بيانات لوزارة الإحصاء وتنفيذ البرامج أن النمو الاقتصادي للعام المالي 2021 -2022 كان من المتوقع أن يبلغ نحو 8.7%. وفي السنة المالية 2022-2023 من المتوقع أن ينمو الإنتاج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 7% و8%، وبذلك يظل الاقتصاد الهندي أفضل من الاقتصادات الناشئة الأخرى. وتواجه الدولة الواقعة في جنوب آسيا، والتي تتمتع بأحد أسرع معدلات النمو الاقتصادي، تحدياً لضمان استمرار وتيرة النمو، مع السيطرة على التضخم المتزايد الذي تفاقم بسبب عوامل عالمية، إلى جانب إبقاء العجز المالي في حدود الميزانية. وقد أقرت الحكومة أن تحقيق هذه الأهداف سيكون تحدياً كبيراً. وأشارت إلى أن هناك حاجة لإعطاء الأولوية «لاستقرار الاقتصاد الكلي على النمو في المدى القريب».

ولا شك في أن التضخم مازال هو التحدي الأكبر الذي يواجه الهند في وقتنا الحالي. ومن المتوقع أن تؤثر عوامل أخرى، مثل الحرب الروسية الأوكرانية التي يتوقع أن تشمل آثارها المزيد من ارتفاعَ أسعار السلع والمواد الغذائية العالمية. وقد عانت الهند من مشكلة تضخم لبعض الوقت، وظل تضخم البيع بالتجزئة لديها فوق الهدف الذي حددها بنك الاحتياطي الهندي، والبالغ 4%.

وقد وصل أعلى مستوى له في ثماني سنوات عند 7.79% في أبريل من هذا العام. وتأتي ثلاثة أرباع ارتفاع الأسعار من تضخم الغذاء على خلفية موجة الحر التي أضرت بإنتاج القمح. وخفَّضت الحكومةُ تقديراتِها لإنتاج القمح من 111.32 مليون طن إلى 105 ملايين طن بسبب موجة الحر في شمال ووسط الهند، بما في ذلك مناطق زراعة القمح الرئيسية.

وارتفعت درجات الحرارة فوق 45 درجة مئوية الشهر قبل الماضي في شمال الهند فيما وصفته إدارة الأرصاد الجوية الهندية بأنه «أبريل الأشد حراً في شمال غرب ووسط البلاد منذ 122 عاماً». ومن المتوقع أن تساعد الرياح الموسمية الاعتيادية في خفض أسعار المواد الغذائية. لكن البداية البطيئة لهطول الأمطار الموسمية أثارت بعض القلق.

كما تسببت الأمطار المتأخرة في إبطاء بذار المحاصيل. وهذا هو الوقت الذي يتم فيه زرع المحاصيل الصيفية مثل الأرز والقصب والذرة والقطن وفول الصويا. لكن هذا النقص في هطول الأمطار يمكن أن ينخفض ​​إذا اشتدت وتيرة الرياح الموسمية وتحركت في جميع أنحاء البلاد. وسجلت 236 منطقة من إجمالي 703 مناطق في البلاد حتى الآن نقصاً في هطول الأمطار في يونيو، بينما سقطت الأمطار بشكل طبيعي في 102 منطقة. والأمطار بين شهري يونيو وسبتمبر حيوية لقطاع الزراعة لأنها توفر المياه لما يقرب من نصف المناطق الزراعية في البلاد.

والنصف الآخر يعتمد على وسائل الري. وقد يؤدي نقص هطول الأمطار إلى مزيد من الضغط على أسعار المواد الغذائية وإلى تفاقم التضخم المرتفع بالفعل. ويجري خفض توقعات الهند الاقتصادية بسبب ارتفاع التضخم. فقد خفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين توقعات النمو الاقتصادي في الهند إلى 8.8% لعام 2022 نزولا من 9.1% في وقت سابق، بسبب ارتفاع التضخم. وذكرت وكالة موديز في تحديثها لـ«توقعات الاقتصاد العالمي الكبير» أن البيانات كثيرة التواتر تشير إلى أن زخم النمو من الربع الأخير لعام 2021 قد استمر في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري.

لكنها أشارت إلى أن الزيادة في أسعار الوقود والغذاء والأسمدة ستؤثر على إنفاق الأسر. وسيؤدي رفع سعر الفائدة، بهدف منع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء من أن يصبح أكثر انتشاراً، إلى إبطاء زخم انتعاش الطلب. وبالمثل، خفض البنك الدولي توقعات النمو الاقتصادي للهند للسنة المالية الحالية إلى 7.5% بسبب ارتفاع التضخم، واضطرابات سلسلة التوريد، والتوترات الجيوسياسية التي تقلل الانتعاش. وعلى الرغم من التحديات الناتجة عن الظروف العالمية المعاكسة والقضايا الداخلية، لا شك في أن الاقتصاد الهندي يعمل بشكل أفضل من بعض الاقتصادات الناشئة الأخرى.

ومازالت مشكلة تصاعد البطالة من مجالات الأداء الاقتصادي ذات الطابع المحلي. فقد كان تزايد عدد العاطلين يمثل مشكلة تفاقمت بسبب الجائحة في الهند. وارتفعت البطالة إلى 7.83% في أبريل صعوداً من 7.60% في مارس. وفي السنة المالية 2019-2020، كان هناك 442 مليون شخص في قوة العمل، وفي العام التالي حين كانت الهند تفرض إغلاقاً صارماً بسبب «كوفيد-19»، انخفض هذا العدد إلى 424 مليون شخص في قوة العمل.

ومع بدء الاقتصاد في الانتعاش بعد تصاعد الطلب، ارتفعت قوة العمل إلى 435 مليون شخص. وعلى الرغم من هذه التناقضات الكامنة، فلا شك أن الاقتصاد الهندي من الاقتصاديات التي يتعين على المرء مراقبتها بحذر.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية -نيو دلهي