يجب على الولايات المتحدة وشركائها في مجموعة السبع استخدام قمتهم التي بدأت يوم الأحد 26 يونيو في ألمانيا، للتخطيط للحملة الحاسمة التالية من الحرب الروسية الأوكرانية، وتتمثل في معركة الإنقاذ الاقتصادي لأوكرانيا وإعادة الإعمار.

وقذائف المدفعية والإمدادات اللوجستية ذات هيمنة في القتال. وإذا لم تتغير إرادة كلا الجانبين، سيحسم الصمود الاقتصادي النتيجة على الأرجح. انهارت القدرة الإنتاجية لأوكرانيا ما بين 40% و50%. وخرج نحو 13 مليون أوكراني من ديارهم. ولا تستطيع كييف تصدير معظم حاصلاتها للحصول على العملات الأجنبية. وتحتاج أوكرانيا على أقل تقدير ما بين وخمسة وستة مليارات دولار كمساعدة كل شهر لتظل صامدة فحسب. ونجح الأوكرانيون، على الرغم من ذلك، في الحفاظ على قيام الحكومة بوظائفها الأساسية مع دعمهم لجيش يخوض حرباً.

ويجب على مجموعة الدول السبع أن تضع خطة اقتصادية بمئات المليارات من الدولارات من التمويل العام والخاص، كي تستطيع القيام بما هو أكثر من مجرد تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأوكرانيا. وتعبئة اقتصادية بهذا الحجم تنقل رسالة إلى موسكو، مفادها أن روسيا تخوض منافسة مالية ضد تحالف لا تستطيع هزيمته. ومع الالتزام بهذا، إلى جانب وضع خطة مبدئية للتعافي وإعادة الإعمار، من شأنه أن يعطي الأمل للأوكرانيين.

ويوصي مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة، وهو شبكة من الاقتصاديين مقرها لندن، بالسير عبر ثلاث مراحل وهي، مساعدات الطوارئ، والاستعادة السريعة للبنية التحتية والخدمات الحيوية، ووضع الأسس لنمو سريع ومستدام. والعمل يستشرف الكلفة البشرية للأسر المنقسمة، واضطرابات القوى العاملة وحرمان الأطفال من التعليم، بالإضافة إلى احتياجات البنية التحتية المادية. وترشيح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا للحصول على عضوية التكتل في المستقبل يقدم إرشادات لعملية الاندماج في البنية التحتية والمعايير واستثمارات القطاع الخاص الأجنبية وسلاسل التوريد. ويتعين أن تكون أوكرانيا شريكة في تنفيذ الخطة.

ولذا يتعين على أوكرانيا تذليل العقبات التي أعاقت الإصلاحات منذ الاستقلال عام 1991 وهي الفساد، وهيمنة الأثرياء على السياسة وقطاع الطاقة، وهجرة المواهب إلى الخارج. وتوافر الشفافية واستخدام تطبيقات الأجهزة المحمولة في عمليات الشراء، وبدعم من قضاة دوليين أثناء فترة انتقالية، يمكن التصدي للكسب غير المشروع والسرقة. واللامركزية المالية ستربط الإنفاق بجماعات المراقبة من المواطنين المحليين. وحين تسمح الظروف الأمنية لأوكرانيا بأن تتطلع لتجاوز حالة الطوارئ، فإنها ستحتاج مساعدة للتشجيع على التعافي السريع، بشرط المساءلة وتحقيق أهداف مرحلية قابلة للقياس والتحقق منها. ولبعث الحياة الاقتصادية، تحتاج أوكرانيا - مثل أوروبا عام 1948 - إلى الإسكان الأساسي، وأنظمة النقل، والبنية التحتية الاجتماعية مثل المدارس والمرافق الطبية، والمدخلات الأولية للإنتاج.

ويجب أن تكون المساعدات في صورة منح وليس من خلال قروض، فحوالي 90% من دعم خطة مارشال كان عبارة عن منح. ومع التعافي السليم، توفر إعادة إعمار أوكرانيا قدرات كبيرة كامنة. فالبلاد تتمتع بمستويات عالية من التعليم والعالم يشهد بقدرات أوكرانيا التكنولوجية والرقمية القوية.

ويتعين على مجموعة السبع الاتفاق على إقامة وكالة لتنسيق جهود التخلص من الكربون في المستقبل بالشراكة مع أوكرانيا. ويجب أن يشارك في هذا كل من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي ووكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، لكن يجب أن يكون هناك شخص مسؤول. فوجود جهة تنظيمية مركزية سيساعد في تجنب الارتباك والجهد المهدر، ويوفر وقت المسؤولين المثقلين بالأعباء في كييف وضمان المساءلة. تحتاج مجموعة الدول السبع إلى تكامل الاقتصاد وإستراتيجية جيوسياسية.

فالسماح بعبور البحر الأسود أمر حيوي لإمدادات الغذاء العالمية اليوم وهو حيوي أيضاً لمستقبل الجغرافيا الاقتصادية لأوكرانيا. ويجب على مجموعة الدول السبع وتركيا، إذا لزم الأمر، أن تقترح ضمان وحماية ممر محايد للإمدادات الغذائية. ومستقبلاً، يجب أن تضمن أي تسوية حق أوكرانيا في العبور البحري. ويجب على التحالف أيضاً أن يشجع الصين على المساعدة في تمويل إعادة الإعمار، وبالتالي تنأى بنفسها عن خطأ روسيا الفادح.

ويجب أن تدعم مجموعة الدول السبع أيضاً البلدان النامية التي تواجه مشكلات في الغذاء والطاقة والمناخ وكوفيد-19 وغيرها تنال من صمودها. وبغير هذا، سيعتقد جنوب العالم أن تعاطف مجموعة السبع لا يمتد إلا إلى الذين يشبهون سكان المجموعة. فقد أجازت أميركا الشمالية والاتحاد الأوروبي بالفعل مبالغ ضخمة. لكن يتعين على قادة مجموعة السبع أن يقرروا إذا ما كانوا يريدون أوكرانيا أن تصمد- وتزدهر في نهاية المطاف - كدولة ديمقراطية مستقلة وذات سيادة. وستتحلى الهيئات التشريعية وجماعات المواطنين في مجموعة السبع بروح العزم في زمن الحرب، إذا استطاعت الحكومات شرح كيفية مساهمة المساعدة الآن في خطة متماسكة لتحقيق النصر.

*الرئيس السابق للبنك الدولي والممثل التجاري الأميركي السابق والنائب السابق لوزير الخارجية الأميركية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»