استضاف المستشار الألماني أولاف شولتز أول قمة دولية كبرى منذ توليه السلطة. والأشهر الستة الأولى من توليه المنصب كانت من الفترات الأكثر اضطراباً في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وتعرض شولتس أثناء هذه الفترة لانتقادات تطعن ببساطة في مدى كفاءته للاضطلاع بمهام المنصب الكبير. كما اُنتقد شولتس لاتخاذه موقفاً مرتبكاً ومتردداً مع اندلاع الحرب في أوكرانيا التي تقع حدودها الغربية على بعد 500 ميل فقط من العاصمة الألمانية. وتلاحقه اتهامات بأنه يتلكأ في تسليم أسلحة ثقيلة للأوكرانيين.

واجتماع قادة مجموعة السبع في منتجع شلوس إلماو في جبال الألب البافارية هذه الأيام يلفت الانتباه إلى دور ألمانيا القيادي- أو عدمه- وشولتس والمؤمنون بحزبه يحاولون تغيير ما لحق بصورة ألمانيا من ضرر. وفي الأيام القليلة الماضية، أمام البرلمان الألماني، دافع شولتس عن سجل حكومته فيما يتعلق بتسليم الأسلحة، قائلاً: «بلادنا محط توقعات كبيرة ونحن نواجه هذه المسؤولية». وكان شولتس يتحدث مع تسليم أول أسلحة ثقيلة لأوكرانيا.

ونشرت وزارة الدفاع، في محاولة لمواجهة الانتقادات، قائمة كاملة بعمليات التسليم التي تم تنفيذها والمعتزم تنفيذها. لكن مع دخول الحرب مرحلة جديدة حاسمة، ومع خسارة القوات الأوكرانية للأراضي باستمرار في الشرق، بما في ذلك مدينة سيفيرودونتسك المحورية في الآونة الأخيرة، ما زال هناك مطالبات من داخل تحالف شولتس وفي الاتحاد الأوروبي الأوسع للعمل بسرعة أكبر.

وحار المسؤولون والمراقبون في السبب الذي يقيد المستشار الألماني. هل هو بقايا سياسة الاشتراكيين الديمقراطيين القديمة القائمة على تخفيف التوترات مع روسيا؟ أم البيروقراطية الألمانية البطيئة في بعض الأحيان؟ أم أن المستشار متصلب وحذر للغاية؟

ووصف الصحفي جورج إسمار لصحيفة «تاجسشبيجل» الألمانية المستشار الألماني بأنه شديد الحذر. وضرب مثالاً على الفترة التي سبقت الهجوم الروسي حين لم ترد كلمة «نورد ستريم 2» على شفتي شولتس، رغم وابل الأسئلة عن خط أنابيب الغاز الطبيعي القادم من روسيا. كما رفض شولتس الإجابة مباشرة عن سؤال بشأن مدة رغبته في أن تكسب أوكرانيا الحرب.

وظل لأسابيع يرفض دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لزيارة كييف. وذكر شولتس أنه يقود ألمانيا في ظل تحولات تاريخية تواجه فيها البلاد تداعيات الهجوم الروسي. في خطاب ألقاه في فبراير، أعلن شولتس ضخ 100 مليار يورو (106 مليارات دولار) للإنفاق على الدفاع. وسرعان ما قرر إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.

لكن تحركات ألمانيا خيبت التوقعات. وترى ماري-أجنيس شتراك-تسيمرمان، رئيسة لجنة الدفاع البرلمانية وعضو حزب الديمقراطيين الأحرار الليبرالي المشارك الصغير في حكومة شولتس الائتلافية، أن الناس يعتقدون أن «الألمان ليسوا بالسرعة الكافية أو يتقاعسون. أعتقد أن العالم ينتظر منا تقديم نوع من القيادة العسكرية. العالم ينتظر ألمانيا» الآن.

ونظراً لتاريخ ألمانيا، ربما كان هناك تخوف من تلك القيادة العسكرية، لكن ليس الآن. لكن شولتس لا يميل فيما يبدو لأي شيء قد يعتبر أخذاً بزمام المبادرة عسكرياً. وركز بدلاً من ذلك على قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي والمساعدات الاقتصادية. ودعا إلى خطة مارشال لإعادة الإعمار. وتؤكد جانا بوجليرين، رئيسة مكتب برلين للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن مجرد تسليم أسلحة إلى منطقة صراع غير مقبول بالفعل لـ«الاشتراكيين الديمقراطيين»، ولذا يرغب شولتس في أن يقف في «منتصف الطريق.

ليس في الخلف، ولا في المقدمة». لكن منتقديه يجادلون بأن السلاح هو العامل الأهم. وربما يكون ينس بلوتنر، كبير مستشاري السياسة الخارجية للمستشار، هو من قدم مفتاحاً لفهم تردد شولتس في الأيام القليلة الماضية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين. فقد أشار بلوتنر إلى أن الصحافة تركز على عدم إرسال برلين المزيد من المعدات إلى أوكرانيا دون التركيز على الشكل الذي ستبدو عليه علاقة ألمانيا مع روسيا في المستقبل. وأزعج هذا التصريح شتراك-تسيمرمان، من «الديمقراطيين الأحرار»، ومضت تقول: «لا علاقة مع روسيا حتى تغير روسيا سياستها.

الآن أفهم أن هناك بعض الأشخاص حول المستشار يتبنون مدرسة قديمة في التفكير بأنه يجب أن تكون لدينا علاقة مع روسيا». ويجادل آخرون أن المستشار نفسه جزء من الحرس القديم الذي يواجه صعوبة في تعديل العلاقات مع روسيا. وترى جيسيكا برلين، الزميلة الزائرة في مكتب صندوق مارشال الألماني في برلين، أن «الشعور المهيمن عبر الائتلاف الحاكم هو أن المشكلة تكمن في المستشارية. فهي محور استجابة الحكومة الألمانية غير الفعالة للغاية للأزمة.

والمكابح في المستشارية. ولا تستطيع ألمانيا الاكتفاء بالسير في أعقاب الولايات المتحدة وبقية حلف شمال الأطلسي في سياستها الخارجية دون اتخاذ أي قرارات خاصة بها». وذكر مسؤول أميركي أن اللغة الأكثر صراحة من المستشارية في الأسابيع القليلة الماضية، وزيارة شولتس لأوكرانيا مع نظرائه الفرنسيين والإيطاليين والرومانيين، أحيت بعض الأمل في أن شولتس قد يبدأ في التصرف بفعالية أكبر.

وهناك شعور بأن ألمانيا لديها تصور مختلف عن حلفائها في عمليات التسليم. فأصدقاء أوكرانيا يتطلعون إلى توفير أسلحة قد تصبح مهمة استراتيجياً في وقت تفقد فيه البلاد عشرات الجنود كل يوم تحت القصف الروسي. لكن الحكومة الألمانية تحاول فيما يبدو حساب مدى استفزاز بعض المعدات العسكرية دون غيرها لروسيا. وفي فرنسا، الشريك الأكثر أهمية لألمانيا في الاتحاد الأوروبي، أثارت استجابة شولتس على الحرب في أوكرانيا ردود فعل متباينة.

ويرى «بيير موركوس»، الزميل الفرنسي الزائر في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن، أن «فرنسا تأثرت إلى حد كبير بالقرارات التاريخية التي اتخذتها ألمانيا، لا سيما فيما يتعلق بزيادة ميزانيتها الدفاعية، وتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، وقبول إغلاق نورد ستريم 2». وفي الأيام التي أعقبت الهجوم الروسي لأوكرانيا مباشرة، أعلن شولتس عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي الألماني، وحينها وصفت صحيفة لوموند الفرنسية هذا بأنه «ثورة» في طور التكوين.

لكن النبرة تغيرت في الأسابيع التالية. ويؤكد موركوس أن ألمانيا اتخذت خطوات دراماتيكية للغاية في الصراع، لكنها «لا تلعب بالضرورة الدور المحفز الذي كنا نتوقعه». وبالنسبة إلى شولتس، لا مفر من أن تؤدي القمة في قلعة شلوس إلماو، إلى مقارنات بينه وبين سلفه، المستشارة أنجيلا ميركل.

فالمقر هو نفسه الذي استضافت فيه المستشارة الألمانية السابقة عام 2015 آخر قمة لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وكانت قمة ميركل هي الأولى التي أصبح يطلق عليها قمة مجموعة السبع وليس مجموعة الثماني، مع عدم دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب هجومه الأول على أوكرانيا لضم شبه جزيرة القرم. وترى بوجليرين، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن «أوروبا تعاني من فراغ في القيادة. وتقليدياً، كان دور ألمانيا في الواقع هو ربط الأصوات المختلفة ببعضها البعض».

لكن سياستها الآن «ليست حاسمة بما يكفي لمعظم الناس» بحسب قول بوجليرين. ويرى دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الأشهر الأربعة الماضية أضرت بمكانة البلاد داخل التكتل.

وأوضح أن القرارات اُتخذت في وقت متأخر وكان هناك تردد في فرض العقوبات. لكنه يعتقد أن من الخطأ إنكار تأثير شولتس على الاتحاد الأوروبي. وأكد أن زيارة شولتز الأخيرة إلى كييف ودعمه لترشيح أوكرانيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي من الأمور المؤثرة. وقال الدبلوماسي «ألمانيا مازالت هي ألمانيا».


ريك نوك: مراسل واشنطن بوست في باريس.

لوفداي موريس: مديرة مكتب واشنطن بوست في برلين.
شارك في التقرير فانيسا جونان-بانك من برلين وإميلي روهالا من بروكسل.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»