تبقى الوظيفة، بجميع أشكالها ودرجاتها ومراتبها، مبتغَى الباحثين عن العمل في كل بلد. والباحث عنها يتعنَّى المشاقَ في سبيل نيل مراده.

وهذا حال الإنسان، لا ينفك يواصل البحث ما وسعه الجهد! في الحقبة الحالية حدثَ تحولٌ في هيكل الوظيفة التقليدي الذي اعتدناه في السابق.. حدث تغير في الشكل والمضمون، ولبست الوظيفة لبوسَ الأرقام والآليات الرقمية والحاسوب الذكي، يعلوها الابتكار والذكاء الاصطناعي والروبوت وصناعة المستقبل. لنلمس ما لدينا في سوق العمل بالإمارات، حيث العالَم الجديد بما يطبعه من تطور في السوق وتقنياته، والبشر على اختلاف أجناسه وأممه.

يتحدّث الشباب المتخرجون الجدد في الجامعات، في الإمارات وخارجها، عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، حول محاولاتهم في سبيل البحث عن وظائف، ويقولون إنهم يلاقون صعوبات في الحصول على مناصب عمل شاغرة.

وإزاء ذلك فإن الحكومة، بمؤسساتها ودوائرها المعنية بالتوظيف والتشغيل، تدرك أن بيئة العمل قد لا تلبي مطالب المتخرجين، وربما ينقصها العدد الكافي من الشواغر لتشغيل هؤلاء الشباب المتخرجين حديثاً.

وإذا نظرنا إلى التوازن الاستراتيجي بين الجنسين، فسنجد أن فلسفته تضع في حسابها تكامل الطرفين، وردم الفجوة القائمة بين الجنسين، وترمي إلى تأمين عدم الإخلال بالتوازن لصالح طرف على حساب الآخر.

فالتغير الثقافي والاجتماعي والأسري يحتاج إلى ضمانة القانون بوصفه العقد الاجتماعي. وفي مثل هذه المناسبة حري بنا أن نستعين بحكمة أم الإمارات وقولها إنه «على المرأة العدل بين الأسرة والعمل»، فالمنفعة الأسرية تكمن في تطبيق هذه التوصية الكريمة!

وإذا أفرطنا في الرؤية الأحادية، أي النظر إلى الجانب الوظيفي المادي وحده، دون النظر إلى ما يترتب على ذلك من أضرارها اجتماعية وأسرية، فسيأتي يوم نفقد فيه معيار القياس ونحن نبحث عن إصلاح الخلل في التوازن بين الجنسين الذي قد يخالطه عوار يضر بالاثنين!

وعلى مستوى عملية التوظيف، يحتاج الأمر إلى تفعيل الرؤية المتعلقة بالتقاطع مع القطاع الخاص للخروج بمحتوى يؤمِّن توظيف المتخرجين الجدد، إضافةً إلى ضرورة البحث من أجل إيجاد أوعية جديدة تحتوي المتخرجين الجدد من الشباب والشابات.

وهنا يمكن الاستدراك من أجل إيجاد «صيغة مالية» تخَصَّص لكل متخرج تُعينه على سد بعض احتياجاته لحين الحصول على وظيفة. وهذه الصيغة تعمل بها شقيقتنا دولة الكويت، وبعض الدول الأوروبية، وبذلك تتم إعانة عائل الأسرة معونةَ التكفل، خاصة إذا كان لديه عدد من الأولاد والبنات عاطلين عن العمل.

مع كل عقد جديد نجد أن هناك مجموعة من الأعمال والمهن والوظائف يكون مصيرها إلى زوال، وتبزغ أخرى جديدة بما تتطلّبه ظروف كل مهنة، ومع أي تقدّم جديد تخرج أصوات تحذّر من توغل الإلكترونيات والتكنولوجيا في عالم الوظائف.

وحسب خبير التكنولوجيا العالمي توماس فري، المدير التنفيذي وكبير الباحثين في معهد دافينشي، فإن التقنيات المستقبلية سوف تستحوذ على 47% من الوظائف الموجودة حالياً، وهو ما سيخلّف مزيداً من العاطلين عن العمل، ومزيداً من مُتَلقِّي إعانات البطالة، ليس في العالم العربي فحسب، بل في العالم ككل.

*سفير سابق