يُتوقَّع ضخّ استثمارات بقيمة نحو 700 مليار دولار من أجل مواصلة بناء اقتصاد الهيدروجين بحلول عام 2050؛ فما المطلوب منا لتسريع عملية التحول من سلسلة الإمداد الهيدروكربونية إلى سلسلة توريد الهيدروجين؟

أُسّست سلسلة توريد النفط الموجودة حاليًّا قبل أكثر من خمسة عقود، وتخدم اقتصاد النفط منذ ذلك الزمان؛ واليوم تبذل الحكومات جهودًا مضنية من أجل التحول من المواد الهيدروكربونية إلى الهيدروجين. ويُعَد الهيدروجين من مصادر الطاقة الأكثر اهتمامًا في أسواق الطاقة العالمية حاليًّا؛ وذلك لأنه يمكن إنتاجه من مصادر طاقة متنوعة مثل المياه، والكهرباء المتجددة، والكتلة الحيوية، والطاقة النووية، والغاز الطبيعي.

ولا شك في أن هذه المصادر موجودة بوَفْرة في جميع أنحاء العالم. وإضافةً إلى ذلك تُعَد التطورات الحالية في تِقْنيات خلايا الوقود، والقدرة على إنتاج طاقة متجددة رخيصة، وغيرهما، عوامل قوية تدفع باتجاه التحول إلى الاقتصاد الهيدروجيني.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما  هي سلسلة توريد الهيدروجين؟ وهل بنيتنا التحتية مستعدة لها؟ تبدأ سلسلة التوريد بمصادر الطاقة، وتكنولوجيا الإنتاج، ومنشآت التخزين، ووسائل النقل وتكنولوجيا التوزيع؛ وتنتهي بمحطات الوقود التي تخدم كميةً محددةً من الطلب.

ونظرًا إلى تنوع مصادر إنتاج الهيدروجين؛ فإن ذلك يؤدي إلى تشعُّب سلسلة الإمداد الهيدروجيني واتساعها على نحو أكثر تعقيدًا من سلسلة الإمداد الحالية. إن أكبر عقبة تواجه عملية التحول إلى سلسلة توريد الهيدروجين هي عدم وجود بنية تحتية ميسورة التكلفة وواسعة النطاق.

مثلًا تتأثر تكلفة إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي بسعر الغاز، ونفقات رأس المال؛ فتكلفة الوقود تُعَد العنصر الأكبر في التكلفة؛ إذ تصل إلى ما بين 45 في المئة و75 في المئة من تكاليف الإنتاج.

واليوم تتراوح تكلفة إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط –على سبيل المثال– بين دولار وثلاثة دولارات للكيلوجرام، فيما يتراوح سعر إنتاج الهيدروجين من المصادر المتجددة بين ثلاثة دولارات وسبعة دولارات ونصف الدولار للكيلوجرام.

وتُوجَد طريقة لتسريع اعتماد منظومة الهيدروجين، تتمثل في الاستعانة بشبكة الغاز الطبيعي الحالية؛ ما سيُجنّبنا تكبّد النفقات الرأسمالية الأولية المرتفعة التي كانت ستنجم عن مَدّ خطوط أنابيب جديدة.

وخلصت دراسة أوروبية إلى أن نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز الأوروبية سيوفر 41 مليار يورو سنويًّا بعد مقارنته بتكلفة تطوير البنية التحتية للكهرباء بين عامَي 2031 و2050. كما يمكن تسريع عملية التحول إلى الاقتصاد الهيدروجيني عن طريق تمكين تكامل مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وتوزيع الطاقة عبر القطاعات والمناطق الجغرافية المختلفة، والحَدّ من انبعاثات الكربون الناتجة من مختلف القطاعات الصناعية مثل النقل، والتدفئة والكهرباء في المباني، والصناعات الكيميائية، وقطاع الطاقة.

لكنْ يبقى سؤال يحتاج إلى إجابة: كمْ نبعد اقتصاديًّا وفنيًّا عن الاقتصاد الهيدروجيني؟ وما الأدوات التي يمكننا استخدامها في تقييم جدواهُ قبل البدء فعلًا في إنشاء بنيته التحتية؟ هذا ما سنجيب عنه في مقالات أخرى.

الأستاذ الدكتور/ علي المنصوري 
أستاذ جامعي - جامعة خليفة.