كان التشغيل الآمن والموثوق به والاقتصادي لمحطات الطاقة النووية في دولة الإمارات العربية المتحدة في صميم برنامج الطاقة النووية للدولة منذ إنشائه في عام 2008، وذلك ما تجلّى في نشر وثيقة «سياسة الإمارات العربية المتحدة بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية».

وبعد الأحداث غير المتوقَّعة في فوكوشيما باليابان أصبحت فكرة الوقود النووي المقاوم للحوادث محطّ تركيز الباحثين حول العالم، إذ يُتوقَّع أن يتحمَّل هذا النظام المطور للوقود النووي الظروف التشغيلية غير الاعتيادية للمفاعلات النووية، مثل درجات الحرارة العالية المصاحبة لحالات فقدان المبرّد في المفاعل.

وبالرغم من أن نظام الوقود الحالي يتحمَّل درجات الحرارة العالية المصاحبة لمثل هذه الحوادث، فإن مدّة تحمُّله أقصر من تلك المتوقعة للنظام الجديد، ومن ثَمّ فإن تغيير أنظمة الوقود النووي الحالية، وتحديثها في ضوء الاستفادة من حادثة فوكوشيما، سيزيدان تلك المدة، ما يمكّن المُشغّلين من الاستجابة لمثل هذه الحوادث، وهذا يؤدي إلى زيادة أمان المفاعلات والثقة بها مدَّةً أطول كثيراً، مع الحفاظ على الأداء أو تحسينه في أثناء العمليات المعتادة.

وبالمقارنة بين نظام الوقود المستخدَم في معظم المفاعلات النووية الحالية -وهو ثاني أكسيد اليورانيوم المُغلَّف بطبقة من مادة الزركونيوم لمنع انتشار المواد المشعّة إلى المبرّد- ونظام الوقود النووي المقاوم للحوادث، نجد أنّ الأخير يحتوي على الوقود النووي نفسه، ولكنَّ الطبقة الخارجية المُغلِّفة للوقود تتكوَّن من مواد أخرى تتحمّل درجات الحرارة العالية مدةً أطول، مثل السيراميك أو خليط معدني من الحديد والكروم والألمنيوم.

ويُعَدّ تطوير القدرة الاحتمالية للوقود النووي من أهمّ أولويات البحث والتطوير في مجال تعزيز سلامة المفاعلات النووية الحالية، إذ أثبتت البحوث والدراسات إمكانية تطوير نظام الوقود في هذه المفاعلات مع الحفاظ على الطاقة الحرارية المنتجة، والمواد التي يُنصَح باستخدامها بدلًا من الزركونيوم الحالي تبدأ بالانصهار عند درجات حرارة أعلى كثيراً، أما الزركونيوم فيبدأ بالتأكسد، ويُنتِج الهيدروجين عند درجات حرارة أقل، ما قد يتسبّب في حوادث خَطِرة، مثل كارثة فوكوشيما في اليابان، كما أثبتت البحوث أن هذه المواد المبتكرة تزيد من سلامة المفاعلات النووية في الحوادث غير المتوقعة.

ويؤدي الوقود النووي المقاوم للحوادث دوراً رئيسيّاً في إبطاء المراحل المختلفة للحوادث الخطِرة غير المتوقعة في محطات الطاقة النووية، إذ يُوفّر أنظمة تغليف جديدة للوقود المستخدَم بخصائص أفضل من حيث القوة والليونة، مقارنةً بمواد التغليف الحالية، ما يتيح إمكانية تصميم الوقود بأشكال مناسبة تسمح بتحديد أماكن أفضل للاحتفاظ بالنواتج الانشطارية المشعّة، مع القدرة على احتواء الوقود المنصهر في الحوادث البالغة الخطورة.

الدكتور/ سعيد العامري.

أستاذ مساعد في قسم الهندسة النووية - جامعة خليفة.