طوى ورقة التكليف بالدفع بيد واحدة وجعلها مثل الكرة وألقاها في المصعد، وقبل أن يكبس زر النزول من الطابق الثامن، انتبه لأسماء الإدارات نظير كل زر: (13) التوارث بين الزوجين، (12) الخلع، (11) التفريق، (10) الطلاق، (9) واجبات الزوجة، (8) واجبات الزوج، (7) الحضانة، (6) النسب، (5) قاعة احتفالات، (4) المهر، (3) الشهود، (2) الولي، (1) الخِطبَة، (0) الاستقبال.

غيّر الرجل رأيَه واختار الطابقَ التاسع، لكن المصعدَ أبى التحركَ، فاختار الطابقَ الأرضي. وهناك وجد محامياً عرفه من ردائه الأسود، فأخبره بأمره مع المصعد، فأوضح له المحامي أن الإدارات موزّعة على الطوابق بدقة، فلا يمكن الصعود إلى العاشر ثم النزول إلى الخامس، أو تقديم معاملة في الطابق الأخير، بينما المعاملة كانت أنهيت في الطابق الحادي عشر.

ثم سأله المحامي عن حاجته في الطابق (9)، فقال إنه كان يريد لفت أنظار إدارة واجبات الزوجة إلى تطوّر العصر، فالمرأة باتت تخرج للعمل، ومع ذلك لا تجبرها هذه الإدارة على المساهمة في مصاريف المنزل! فقال المحامي معقباً: ما دام المصعد لا يستجيب بغير ترتيب معين للإدارات، فمن باب أولى أنه لا يمكن استحداث أقسام في الإدارات.

فوفقاً لقوانين المؤسسة، قال المحامي، الزوج ملزمٌ بالإنفاق على زوجته ولو كانت تعمل، وملزمٌ بتوفير المسكن ولو كانت تملك برجاً، وملزمٌ بالإنفاق على أولادهما ولو كانت إمبراطورةً. وفي حدود هذه المؤسسة، سيبقى هو الملزَم بالنفقات مهما تطوّرت الدنيا.

وواجباته هو من شأن الطابق (8)، وواجباتها هي من شأن الطابق (9)، ولا يجوز خلط أوراق هذا الإدارة بتلك. وأضاف المحامي أنّ ثمة طوابق مخصصة بالكامل لامتيازات الزوج، من قبيل إدارة الطلاق في الطابق (10)، فوفقاً لهذه الإدارة يمكن له بالإرادة المنفردة تطليقها وهو مضطجع على «كنبة» البيت، ويمكنه إرجاعها بكلمة وهو يرتدي ملابسَه، بينما هي لا يمكنها إنهاء العلاقة إلا بالحضور إلى المؤسسة، والبكاء في الطابق (11) أو (12).

وأضاف أن الزوج يمكنه الزواج بغيرها وهي على ذمته. وهو دائماً له نصيبٌ في ميراثها أكبر مما لها في ميراثه. وهو الولي الشرعي لأولادهما، بل لو مات، فقد تنتقل الولاية لابن عمه في حال عدم وجود الجد أو العم، وهي لا تصبح ولية نفس على أولادها أبداً. فقال الرجل مستخفاً: كأنّ المرأة جوهرة والرجل حصى. فردّ المحامي: لو جاءت امرأة معترضة على الإدارات في الطوابق (2) أو (3) أو (6) أو (10) أو (13)، لما اختلف حديثي معها عن حديثي معك.

ولأنه لم يبد على الرجل الاقتناع، فقد اصطحبه المحامي إلى الطابق (9). وفي أثناء الصعود قال له إنّ إدارات «مؤسسة الزواج» تلتزم في أعمالها بقانون واحد مستقى من الشريعة، ومشاركة الزوجة في المصاريف من تلقاء نفسها أمرٌ، وأن يكون ذلك بحكم القانون أمرٌ مختلفُ. فقال الرجل معترضاً: لماذا؟ فردّ المحامي وهو يبسط يديه في الطابق التاسع: لأنه لا يوجد قسم «إنفاق الزوجة» هنا، وإنشاء قسم جديد في أي إدارة لا يكون إلا بإعادة هيكلة كل الإدارات الأخرى.

*كاتب إماراتي