تقاعدت جولي دياز من وظيفتها كسكرتيرة قانونية في الربيع الماضي. لكن فترة انقطاعها عن العمل، والتي لم تكن لطيفة أبداً، لم تستمر طويلا. والآن، بعد أن بلغت السبعين، تعمل دياز من المنزل ليلا ونهاراً، إذ حصلت في شهر مارس الماضي على وظيفة في شركة أميركية تقدم خدمات رعاية منزلية لكبار السن.

وتعمل دياز في نوبات ليلية لمدة 12 ساعة في شركة فينيكس، حيث تعتني بشخص يبلغ من العمر 79 عاماً مصاب بمرض باركنسون وبنوع من الخرف الخفيف. بعد العمل، تأخذ دياز قيلولة، ثم تقطع أكثر من 50 ميلا لتربية حفيداتها. فقد انفصلت ابنة دياز مؤخراً عن زوجها وبدأت العمل في مطعم، لذا فهي بحاجة إلى رعاية الأطفال وتوفير الآلاف نظير الرسوم القانونية لمحامي قضية طلاقها.

وتجسد دياز الزيادة في عدد كبار السن بين القوى العاملة الأميركية. وهي زيادة تفتح ملايين فرص العمل، كما تشجع شركات التوظيف على التنافس في هذا المجال. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع معدل التضخم وانخفاض مدخرات التقاعد بسبب هبوط سوق الأوراق المالية، يجبر الكثيرين على العمل لتغطية نفقاتهم. وما بدأ كعودة إلى سوق العمل بشكل انتهازي سرعان ما أصبح ضرورةً. تقول دياز: «نعاني جميعاً من ارتفاع أسعار الغاز وأسعار البقالة. لم أشعر أبداً بمثل هذه الأوقات العصيبة في حياتي. يمكث الناسُ داخل منازلهم قدرَ الإمكان، لأننا لا نستطيع تحمل تكاليف الخروج».

لقد عاد حجم القوة العاملة في الولايات المتحدة تقريباً إلى مستويات ما قبل الوباء، لكن معدل المشاركة، أو نسبة إجمالي السكان الذين يعملون بنشاط أو يبحثون عن وظيفة، ظل بطيئاً. ومن خلال بعض التوقعات، يمكن أن تساعد الأجيال الأكبر سناً في ملء الفراغ. أولئك الذين تبلغ أعمارهم 75 عاماً فما فوق هم الفئة العمرية الوحيدة التي يتوقع أن ينمو معدل مشاركتها في القوى العاملة خلال العقد المقبل، على الرغم من أن قاعدتهم أصغر.

ومن المتوقع أن يقفز عدد العمال من هذه الفئة العمرية ضعفين تقريباً بحلول عام 2030، عندما يكون ما يقرب من 10% من القوى العاملة أكبر من 65 عاماً، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل. بعد التراجع خلال الوباء، تُظهر الآن بيانات مكتب إحصاءات العمل، ومنذ يونيو الماضي، ارتفاعَ معدلات التوظيف بين كبار السن من الأميركيين. كان هناك عدد أكبر من الموظفين الذين تبلغ أعمارهم 55 عاماً أو أكثر على نحو أكثر من أي وقت مضى.

وضمن هذه الفئة العمرية، فإن عدد الموظفين بدوام كامل، أي الذين يعملون 35 ساعة على الأقل في الأسبوع، يحوم بالقرب من الرقم الأعلى، وهو ذلك المسجل في عام 1986.كان الناس يعملون بالفعل لفترة أطول لعدة أسباب، أهمها زيادة متوسط ​​العمر المتوقع. وقد وصل معدل التضخم الآن إلى 9.1% في يونيو، مدفوعاً إلى حد كبير بتكاليف الغذاء والغاز والمأوى المرتفعة.

لا يقتصر الأمر على إلحاق الضرر بكبار السن من ذوي الدخل الثابت فحسب، بل إنه يأكل أيضاً مدخرات التقاعد لأولئك الذين تمكنوا من ادخار بعض الأموال. ووفقاً لمسح نشرته شركة «إف & جي» للتأمين على الحياة الأسبوع الماضي، فإن أربعة من كل خمسة أشخاص بالغين في الولايات المتحدة يبلغون من العمر 50 عاماً أو أكثر ولديهم أدوات مالية لا تقل قيمتها عن 10000 دولار، يكونون قلقين بشأن التضخم عند تقاعدهم.

وقال أكثر من نصف المتقاعدين إنهم يتوقعون العملَ بدوام جزئي عند بلوغ سن التقاعد لتغطية النفقات اليومية. حتى قبل الوباء، كان كبار السن من الأميركيين لديهم مشاكل مالية. وقد وجد تحليل لمؤسسة قيصر للأسرة Kaiser Family Foundation أواخر عام 2018 أن أكثر من 15 مليون بالغ يصلون من العمر 65 عاماً أو أكبر، وأن حوالي واحد من كل ثلاثة غير آمنين اقتصادياً.

وبالمثل، لا يستطيع 36% من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و69 عاماً تغطية الحد الأدنى من الرعاية لمدة عام واحد دون استنفاد الموارد، وفقاً لدراسة أصدرها مركز أبحاث التقاعد في كلية بوسطن العام الماضي. ذلك الرقم أعلى بكثير بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم شهادات ثانوية والأقليات العرقية والنساء غير المتزوجات.

وتعد دياز جزءاً من قطاع كبير من القوى العاملة لدى صاحب عملها، أو نحو ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية التابعين لـ(Home) بدلاً من 36000 هم على الأقل في الستينيات من العمر. إنها واحدة من أكبر مزودي خدمات الرعاية المنزلية الشخصية في الولايات المتحدة.

ويبذل أربابُ العمل كلَّ ما بوسعهم لتوظيف العمال والاحتفاظ بهم، سواء عبر رواتب أعلى أو مزايا أفضل أو مواعيد عمل أكثر مرونة. وتعد هذه امتيازات جذابة للعمال من جميع الأعمار، خاصة كبار السن. ويقول تود بليس، مؤسس شركة رينت جراندما (أو استأجر مربية)، إن عدد المتقدمين إلى موقعه على الإنترنت من كبار السن الذين يبحثون عن وظائف رعاية منزلية قد ارتفع بنحو 25% خلال العام الماضي.

وشهدت منصة Seniors4Hire لتوظيف العمال الأكبر سناً زيادةً بنسبة 20% في المتقدمين منذ مارس وحوالي 12% في عدد أرباب العمل الذين يعلنون عن وظائف، وفقاً لمؤسسها، رينيه وارد. كما أن وظائف الدوام الجزئي والأجور المنخفضة شائعة. قال وارد: «نحتاج إلى رؤية المزيد من الوظائف ذات الرواتب المرتفعة تذهب إلى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً».

إيمي يي*

*صحفية أميركية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»