شنت طائرة أميركية من دون طيار، يوم السبت 30 يوليو، هجوماً على شرفة منزل في حي شيربور السكني الميسور بالعاصمة الأفغانية كابول، مما أسفر عن مقتل شخص وحيد على الشرفة على الفور. وهكذا انتهت المطاردة الطويلة لأيمن الظواهري، خليفة أسامة بن لادن، والعقل المدبر للعديد من الهجمات على الأميركيين، بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر 2001 على مدينتي نيويورك وواشنطن.
وتم الكشف عن بعض تفاصيل العملية من قبل الحكومة الأميركية، والتي أشارت إلى أن العملية تم التخطيط لها بدقة للتأكد من أن الظواهري هو الهدف وأن الضربة سيتم ضبطها بحيث تكون دقيقةً لدرجة أنه سيتم قتله فقط بمفرده، مع تجنب وقوع إصابات بين المدنيين، بما في ذلك أفراد الأسرة.
ومن الواضح أن سلطات كابول الحالية كانت على علم بوجود الظواهري. وعلاوة على ذلك، كانت تعلم أنها انتهكت الاتفاق الذي وقّعته مع الولايات المتحدة في 29 فبراير 2020، والذي يقضي، ضمن قضايا أخرى، بمنع «القاعدة» من العمل في أفغانستان.
وستظهر تداعيات هذا الحدث في العديد من البلدان. في حين أن الظواهري لم يكن زعيماً يتمتع بشخصية كاريزمية، إلا أنه كان ذكياً ومنظِماً. لقد شعر بالأمان الكافي في علاقته داخل أفغانستان، لدرجة أنه نقل عائلتَه إلى كابول ثم انضم إليها. أما إذا كان موته يعني أن تنظيم «داعش»، العدو اللدود لـ«القاعدة»، سيزيد الآن من عملياته في المنطقة، فذلك احتمال لم يتحدد بعد، لكن مما لا شك فيه أن فروع «القاعدة» في أفريقيا والشرق الأوسط ستواصل أنشطتها التخريبية، وربما تخطط لهجمات جديدة على أهداف أميركية.
والسؤال الأكثر إلحاحاً سيكون حول تأثير العملية على العلاقة الهشة بين «طالبان» والولايات المتحدة. ما تزال الولايات المتحدة تسيطر على مليارات الدولارات من الأصول التي تحتاج إليها حركة «طالبان» بشدة لإنقاذ أفغانستان من الكارثة المالية وما يترتب عليها من مصاعب إنسانية. وفي المقابل، تعهدت الولايات المتحدة بأن تجلب إلى الغرب آلاف الأفغان الذين عملوا مع قوات الحلفاء خلال الحرب التي استمرت 20 عاماً، لكنها لا تستطيع القيام بذلك دون التعاون مع سلطات كابول الحالية. ولن يحدث هذا على المدى القصير لأن هذه السلطات كانت تستهزئ علانيةً بالعديد من الوعود الواردة في الاتفاقية الموقعة مع الولايات المتحدة. والمؤكد أن أفغانستان الآن تشعر بالقلق من أن مزيداً من الضربات الأميركية بوساطة الطائرات من دون طيار ستكون حتميةً إذا استمرت في توفير الملاذ للجماعات المتطرفة.
سيوفر نجاح هذه العملية دَفعَةً مطلوبة بشدة لمعدلات التأييد المتدنية لبايدن وسيساعد بطريقة ما على تقليل الانتقادات الشديدة التي واجهها منذ الانسحاب السريع والفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان عام 2021. لكن في النطاق العام للتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوكرانيا والعلاقات الخطيرة بشكل متزايد مع الصين، ستظل أفغانستان تمثل مشكلةً ثانوية لن تنطوي، تحت أي ظرف من الظروف، على وجود القوات الأميركية على الأرض.
قد تعتمد قدرة «طالبان» على النجاة من رد الفعل العنيف الذي لا مفر منه من الولايات المتحدة وحلفائها على كيفية إدارتها للعلاقات مع الصين والهند وباكستان وإيران وروسيا. فهذه الدول الخمس لديها أصول مهمة في أفغانستان وسيتعين عليها لعب دور أكثر حزماً، ومن المرجح أن يكون ذلك من خلال المنافسة مع بعضها البعض.
ربما يطلِق موتُ الظواهري والفوضى المتزايدة التي أحدثها سوء إدارة الأوضاع في أفغانستان، صراعات جيوسياسية جديدة في المنطقة، والتي لأول مرة منذ سنوات عديدة لن تشهد الولاياتِ المتحدةَ كلاعب رئيسي. وسيكون هذا مصدر ارتياح كبير لمعظم الأميركيين.

مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال انترست» -واشنطن