منذ أيام شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة العالمَ تخليدَه «اليوم العالمي لمكافحة الاتّجار بالبشر» الذي يصادف 30 يوليو من كلّ عام، تأكيداً منها على ما توليه من اهتمام كبير لمحاربة جريمة الاتِّجار بالبشر، وإيماناً منها بأهمية تضافر الجهود الوطنية والدولية لمكافحة هذه الجريمة التي تعدُّ واحدة من أبشع الجرائم المنظّمة العابرة للحدود الوطنية التي تقوم على استغلال الأبرياء والمستضعفين في المجتمع.
وقد حرصت دولة الإمارات، منذ عام 2006، الذي أطلقت فيه حملتها الوطنية ضدّ هذه الجريمة غير الإنسانية، على اتخاذ جملة من التدابير شملت إصدار القانون الاتحادي رقم (51) لعام 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتّجار بالبشر وتعديلاته، والانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة عبر الوطنية، وللبروتوكول المكمِّل لها الخاص بحظْر وقمْع ومعاقبة الاتّجار بالأشخاص وخصوصاً النساء والأطفال، وإنشاء لجنة وطنية تعمل على تنسيق الجهود على المستويين الوطني والدولي، وتأسيس منظومة وطنية متكاملة لرعاية الضحايا، مروراً بتنفيذ العديد من مبادرات التوعية التي تستهدف الأشخاص الأكثر عرضة للاتِّجار بالبشر، وبناء قدرات الجهات الوطنية بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بهذا الملف.
ويأتي تنفيذ هذه الجهود في إطار استراتيجية وطنية متكاملة تنسجم مع النهج الدولي في التعامل مع الجريمة، مبنية على خمس ركائز أساسية تتمثّل في: الوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، وحماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي.
وقد جاءت الظروف الاستثنائية لجائحة كوفيد-19 لتضاعف المسؤوليات والالتزامات على دول العالم في مواصلة العمل من أجل حماية ضحايا الاتّجار بالبشر، وعلى صعيد استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في نشر الحملات ورسائل التوعية، حيث أدّت هذه الوسائل الحديثة دوراً بارزاً في تعزيز وتطوير جهود الدول ومساعيها نحو توظيف الإمكانات التي توفّرها لتسهيل عملية التواصل مع الشركاء، في جميع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني، بهدف استدامة الجهود في مجال مكافحة هذه الجريمة التي تمسُّ كرامة الإنسان.
وفي هذا الإطار شهدت البنية التشريعية لدولة الإمارات العربية المتحدة إصلاحات محورية، أهمها إصدار القانون الاتحادي رقم (33) لسنة 2021 في شأن تنظيم علاقات العمل، الذي نصَّ صراحة على تجريم العمل الجبري ووضَع نظُماً وسياساتٍ مُحكمة تعمل على حماية حقوق العمال، وهو ما يضمن بيئة عمل إنسانية تحميهم من الوقوع في شبكات عصابات الاتّجار بالبشر. وهكذا يتّضح بعد قرابة 16 عاماً من بداية مسيرة دولة الإمارات للقضاء على هذه الجريمة، أنها قامت بكلّ الجهود التي من شأنها تخفيف معاناة ضحايا الاتّجار بالبشر وتعزيز حقوقهم وحمايتهم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية