حين أُسِّس «مجلس حكماء المسلمين» عام 2014، كهيئة دوليَّة مستقلَّة، ومقرّها أبوظبي، بهدف تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة، وكسْر حدَّة الاضطرابات والحروب التي سادت الأمة الإسلامية في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام، كان يدرك مؤسّسوه أن العمل لا بد أن يستمر ويتوسّع، ويصل إلى غايةٍ منتهاها الاستقرار، وتفعيل دور الشباب في تحقيق ذلك.

ولأنه يعمل على كل القضايا التي تخدم الإنسانية، فقد أكّد «مجلس حكماء المسلمين» أهمية دور الشباب في مواجهة التحديات التي تهدِّد عالمنا، وفي مقدّمتها أزمة التغيّر المناخي، داعياً المجلس إلى ضرورة إدراجها في مناهج التعليم للتوعية بخطورتها، لارتباط ذلك بنداءات قادة الأديان في العالم لمواجهة هذه الأزمة، وآخرها «قمَّة نداء المناخ»، التي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، العام الماضي، وإطلاقه «نداء حماية البيئة»، وذلك بحسب ما ورد على لسان محمد عبدالسلام، الأمين العام للمجلس، خلال مشاركته في «معرض الكتاب الإسلامي» في بدورته الحالية في إندونيسيا.

وانطلاقاً من أن الشباب هم أمل المستقبل، والقادرون على حماية المجتمعات من الدمار البيئي، فإن الحرص على أن تقوم هذه الفئة، ومن خلال إدراكها لخطورة التغيّر المناخي عبر المناهج التعليمية، على قيادة الجهود التي تواجه التحديات وتعزّز السِّلم، هو أمر لا ينفصل عن اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالغوص جليّاً في هذا الملف، الذي جعلته من أهم أولوياتها التي تعمل من خلالها على تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، عبْر اتخاذ مجموعة من الخطوات للحدّ من ظاهرة التغيّر المناخي، عن طريق خفض الانبعاثات، وزيادة فاعلية واستثمارات الطاقة النظيفة.

وتتجسّد مسيرة دولة الإمارات في العمل المناخي عبْر مجموعة من الخطوات، آخرها إعلان «مبادرة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050»، الذي كان علامة فارقة في مسيرة امتدت ثلاثة عقود، وتمثّلت في الانضمام إلى كلٍّ من: اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون، وإلى بروتوكول مونتريال في عام 1989، والاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ في عام 1995، واتفاق كيوتو في عام 2005.

وفي عام 2009 استضافت المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة «آيرينا»، ثم انضمّت في عام 2015 إلى اتفاق باريس للمناخ، وفي عام 2019، نظّمت مؤتمر أبوظبي للمناخ، تلاه في 2021، تنظيم حوار أبوظبي للمناخ، والمشاركة في حوار القادة للمناخ، فيما تنتظر الحدث العالمي الأبرز في عام 2023، الذي ستستضيف فيه الدولة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب 28».

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.