«لا أحد فوق القانون» هذه العبارة لم يتم قولها في بلد من بلدان العالم الثالث. هذه العبارة التي من الممكن أن يصفق لها الجمهور، تؤسس المنهجية في تأسيس الدساتير الوطنية، والتي يطالب بمضامينها العالم بأكمله، من أجل تحقيق العدل والمساواة. أتخيل لو قالها مسؤول من العالم الثالث، كيف سيكون وقعها أمام الجمهور  بفئاتهم  من متعلمين وأميين  وذوي البشرة السمراء والصفراء والبيضاء، لكني سأصدمك عزيزي القارئ، فهذه العبارة قالها «الديمقراطيون» في الولايات المتحدة الأميركية حينما قامت عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي)، بمداهمة منزل الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في مارالاغو بولاية فلوريدا، بحثًا عن وثائق سرية احتفظ بها بعد مغادرته البيت الأبيض، وهذا ما ذكرته وسائل الإعلام الأميركية في كل مكان.
المدهش ليست مداهمة مقر إقامة الرئيس الأسبق، وإنما في شماتة «الديمقراطيون»، مذكرين بأن ترامب هو الذي عيّن مدير«إف بي آي» الحالي كريستوفر راي، وكأنهم يقولون«أشرب مما صنعته بيدك».
يقولون بأن الثامن من أغسطس 2022 تاريخٌ سيُكتب بالخط العريض في الساحة السياسية الأميركية، بعد تلك العبارة «لا أحد فوق القانون»، والتي تشعرك بأن أعظم دولة في العالم، تعيش بطريقة عشوائية.
هل باتت الولايات المتحدة تشبه الآخرين؟ «الديمقراطيون» اجتمعوا على تصريح واحد: «لا أحد فوق القانون»، و«الجمهوريون» من المسؤولين الكبار انتقدوا العملية، متهمين وزارة العدل بتجاوز صلاحيتها، ولكن للأسف لا يوفر القانون الأميركي الحصانة للرؤساء السابقين.

ترى ماذا كان عليه ترامب بعد هذه المداهمة التي يراها الكثيرون بأنها أكبر صفعة وجهت إليه؟ وقد سبق أن غضب الرئيس السابق وشكا من الاضطهاد السياسي. فإذا كنت من دول العالم الثالث وتشعر بنوع ما من الاضطهاد، عليك أن تتذكر بأن من ترأس يومًا أكبر وأعظم دولة في العالم، يشكو هو الآخر مما يدور حوله. فلك أن تتخيل بعد أن كنت ترأس العالم بأكمله، تشعر بالخيانة تجاهك بعد أن تفقد مكانتك، أنهم حتى لم يتواصلوا مع ترامب، ولم يتم إبلاغه بعملية الدهم.
أشعر بالتعاطف مع الرئيس الأسبق ولا ألومه حينما اتهم خصومه من «الديمقراطيين» ب «تسليح نظام العدالة»، وذلك بهدف منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. إن أموراً من هذا النوع تحدث في «بلدان العالم الثالث»، وقال ترامب في بيانه المؤلف من 341 كلمة «للأسف أميركا أصبحت من هذه البلدان.. فاسدة لدرجة لا أتخيلها»، وأنا أيضاً لا أتخيل أن تتحول الولايات المتحدة إلى استخدام تكتيكات العالم الثالث، لاكتشافها أن هذه التكتيكات ربما هي الأكثر فاعلية!
* كاتبة سعودية