جاء اليوم الذي نحتفل فيه كل عام بيوم المرأة الإماراتية. وفي هذا اليوم سنويّاً تمتلئ صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي بالحديث عن المرأة الإماراتية، وتكاد تجده حديثاً مكرراً مثل كل عام، فقد ترسّخ في يقيننا فعليّاً أن المرأة الإماراتية قد تحققت لها مكتسبات عظيمة على يد قيادتنا الرشيدة التي لم ترَ المرأة إلا شريكاً حقيقيّاً في تحقيق القفزة الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد كُتب كثير عن مكتسبات المرأة الإماراتية ومستقبلها.

ونحن نتحدث عن المستقبل من دون أن نلتفت إلى الماضي، فهو الشرنقة التي تشكّلت داخلها فراشات الحاضر، فحين استطاعت المرأة الإماراتية أن تحلّق كالفراشة، فإنها ظلّت أعواماً حبيسة شرنقة تتشكّل وتبني جمال أجنحتها وقوتها العقلية والنفسية والإنسانية داخل هذه الشرنقة التي عاشت فيها قبل التحول الاقتصادي واكتشاف النفط، وقبل قيام الاتحاد.

 ونكتب كثيراً عن نجاحات المرأة الحالية، فماذا عن كفاح الجدّات، وجدّات الجدّات، من أجل تحمّل أعباء المعيشة الصعبة، إذ كان المجتمع الإماراتي بعيداً عن الرفاهية، وكان البحر والصحراء هما بيئته ومصدر رزقه في العمل والكفاح من أجل تنشئة الأبناء في تلك الظروف.

هل تُدرك الشابات الإماراتيات حاليّاً طبيعة الحياة التي عاشتها المرأة الإماراتية قديماً، ومدى صعوبتها وخشونتها، إذ كانت تقوم على أبسط الموارد التي تحافظ على استمرار الحياة، ومن دون كل هذه الرفاهية التي منحها الله لنا في العصر الحديث، وهذا التحول الاقتصادي كان نتاج حكمة قيادتنا في إدارة الموارد التي حبانا الله إيَّاها.

ربما لم ينصف كتَّاب التاريخ المرأة الإماراتية قديماً، فحين كان الرجال يخرجون بحثاً عن الرزق في البر أو البحر، كانت المرأة تدير شؤون البيت بصورة كاملة، كما كانت قادرة على حُسن الإدارة ومساندة الرجل مساندة فعليّة في بناء الأسرة الإماراتية. ولم تكن المرأة الإماراتية في ذلك الوقت مجرّد تابع لا حول له ولا قوة، بل كانت عنصراً داعماً بقوة في كل شؤون الحياة، حتى في الحياة السياسية.

وكانت الأمهات والزوجات مستشارات لرجالهنَّ في أمور الحياة، وكنَّ قادرات على التعلّم، وانتقلت تلك الخبرات من الأمهات إلى بناتهنَّ بالتربية الفطرية المعتمِدة على عادات المجتمع وتقاليده حينذاك.

ووسط هذا الزخم الكبير المُحتفي بالمرأة الإماراتية ومكتسباتها التي حققتها في السنوات الأخيرة، ومنذ قيام الاتحاد، ولا تزال تحقق المزيد منها، وتثبت أنها قادرة على العطاء الشامل، ينبغي ألا ننسى أن نحتفي بالمرأة الإماراتية قديماً، التي كافحت وعانت وساندت الرجل في مواجهة أعباء الحياة، وعلينا أن ننصفها، ونتعمَّق في البحث عن دورها وعملها وإنتاجها، ويجب ألا يُغفِل كتَّاب التاريخ عطاءها وكفاحها وتحمُّلها حرارة الشرنقة التي عاشت فيها من أجل أن تُخرج لنا فراشات الحاضر.