تربط بين الهند وروسيا علاقات يعود تاريخها إلى فترة الحرب الباردة حينما كانتا حليفتين مقربتين. ولئن كانت هذه العلاقة قد تغيرت على مدى العقود العديدة نظراً للتحولات الجيوسياسية الكبيرة التي حدثت، فإن الأساس الصلب الذي تقوم عليه العلاقات بين نيودلهي وموسكو يظل هو مجال الدفاع، وهذا على الرغم من أن الهند ازدادت قرباً من الولايات المتحدة وروسيا ازدادت قربا من باكستان. 
وعلى الرغم من أن الهند تسعى لتنويع مصادر مشتريات أسلحتها حتى لا تظل مقتصرة على بلد واحد، إلا أن روسيا ما زالت هي أكبر مزوِّد للهند بالأسلحة. ويُعد هذا التعاون أساسيا من أجل بناء قدرات الهند الدفاعية وسط التحدي المزدوج المتمثل في المشاكل الحدودية الطويلة مع الصين وباكستان. فالطائرات والدبابات والأنظمة الصاروخية الروسية جميعها جزءٌ من أسلحة مهمة تشكّل حاليا ترسانة الجيش الهندي، ما يؤكد ضرورة الإمداد المتواصل بالمعدات العسكرية وقطع الغيار. 
عندما حصلت على استقلالها من البريطانيين عام 1947، لم تكن لدى الهند أي قدرات دفاعية. فالبلد جنوب آسيوي بدأ من الصفر، ولم يستطع خلال العقود السابقة الحصول على معدات ذات تكنولوجيا عالية من الغرب. ذلك أن نقص الثقة بين الهند والغرب كان كبيراً. وهذا كان يعني عدم تقاسم الغرب لخبرته الدفاعية مع الهند ولا سيما بعد فرض العقوبات بسبب اختبارات الهند النووية. ولكن روسيا ذهبت في الاتجاه المعاكس واستمرت في تزويد الهند بالمعدات اللازمة.
ولكن اليوم يبدو التعاون بين الهند وروسيا في مجال الدفاع أمام مفترق طرق. فمما لا شك فيه أن تغيّر الأوضاع الجيوسياسية بسبب حرب أوكرانيا، التي عمّقت الشرخ بين روسيا والغرب، سيكون له تأثير على الهند. وبالنظر إلى تجاوز أمد الحرب الستة أشهر وعدم إبدائها أي مؤشر على نهاية وشيكة، بدأت تُطرح أسئلة حول ما إن كانت روسيا ستكون قادرة على إرسال إمدادات الدفاع اللازمة إلى الهند في الوقت المحدد. ذلك أن موسكو، على كل حال، تحتاج الآن لتسليح جيشها من أجل مواصلة القتال في أوكرانيا التي تتلقى أكثر الأسلحة تطورا من الغرب. وفي الوقت نفسه، يزيد الغرب العقوبات على روسيا في مسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا؛ ولكن روسيا لا تبدي مؤشرا على أي توافق. 
وسط كل هذا، لا شك أن الهند لن تحتاج إلى تسريع تنويع واردات أسلحتها فحسب، ولكن أيضا إلى تعزيز إنتاجها الوطني. فهذا هو الطريق بالنسبة للهند؛ والحكومة مدركة لذلك تمام الإدراك. ذلك أن الهند تعي أن الوقت قد حان لكي تنطلق بشكل كامل في تصنيع الأسلحة محليا. ومما لا شك فيه أن تعزيز إنتاج الدفاع لن يكون طريقا سهلا أو سريعا. ذلك أن حتى المعدات المصنوعة محليا تحتوي على قطع مستوردة من الخارج في هذه المرحلة، واعتماد الهند على المكوِّنات الخارجية ما زال كبيرا. 
الهند بدأت تصعد إلى الواجهة ببطء كمصدِّر للأسلحة. وعلى سبيل المثال، يُعد الـ«براهموس»، وهو صاروخ كروز متوسط المدى بسرعة تفوق سرعة الصوت، مشروعا صناعيا مشتركا مع روسيا في الهند. وقد شرعت الهند في بيعه لأطراف أخرى؛ إذ وقّعت مؤخرا صفقة بقيمة 375 مليون دولار مع الفلبين لتزويدها بصواريخ «براهموس». وبالمثل، تسعى الهند إلى بيع طائرتها الحربية الخفيفة «تيجاس» إلى بلدان أخرى؛ إذ عرضت بيع 18 من هذه الطائرات إلى ماليزيا في وقت أبدت فيه ستة بلدان أخرى اهتماما بها مثل الأرجنتين ومصر وإندونيسيا والفلبين. كما تقوم الحكومة الهندية بتوريد 83 طائرة «تيجاس» من شركة «هندوستان ايرونوتيكس» المملوكة للدولة حيث يتوقع أن يبدأ تسليمها في حوالي العام 2023. 
وفي الأثناء، قد بدأت الهند الحد من اعتمادها على الأسلحة الروسية. فوفقا لـ«معهد ستوكهولم لبحوث السلام العالمي»، فإن حصة روسيا من إجمالي واردات الأسلحة الهندية انخفضت من 69 في المئة بين 2012 و2016 إلى 46 في المئة بين 2017 و2021. وبالمقابل، لفت المعهد إلى أن واردات الأسلحة الهندية من فرنسا ارتفعت بأكثر من عشر مرات، ما يجعل منها ثاني أكبر مزود للهند بالأسلحة في 2017-2021. 
وتُعد الهند إلى جانب السعودية أكبر مستورد لمعدات الدفاع بحصة 11 في المئة لكل منهما من إجمالي مبيعات الأسلحة العالمية. 
كما حاولت الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية تنويع مصادر مشترياتها من الأسلحة. ولكن من الواضح أن الأولوية بالنسبة للهند هي دفع صناعة الدفاع المحلية أولاً، ثم الدفع في اتجاه قيام الشركات الأجنبية بالتصنيع في الهند. ففي نهاية المطاف، سيتعين على الهند التي تسعى إلى أن تصبح قوة عالمية إلى تقوية صناعتها وتقليص فاتورة وارداتها؛ إذ لا يمكن لأي بلد أن يصبح قوة عالمية بدون امتلاك صناعة دفاعية قوية. وفي الوقت الراهن، تبدو الهند ماضية على الطريق الصحيح وتخطو الخطوات الصحيحة نحو تحقيق هذا الهدف. 
* رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي