تعتبر مكافحة الجفاف من أكثر ما يقلق دول العالم وخبراء المناخ والبيئة هذه الأيام، خاصة بعد تقارير الأمم المتحدة التي تقول إن وتيرة الجفاف ومدته قد ازدادت بنحو الثلث على مستوى العالم منذ عام 2000. وقد تسببت أزمة المناخ في تأجيج الجفاف ونقص المياه في القارات حول العالم. فأكثر من 43% من سكان الولايات المتحدة عانوا من الجفاف في يوليو 2022، كما تشهد أوروبا الآن، أسوأ موجة جفاف منذ 500 عاماً، إذ صدرت تحذيرات تشمل حوالي ثلثي القارة، وأحد الحلول المطروحة لمكافحة الجفاف، اللجوء لتقنية الاستمطار الصناعي. فالاستمطار الاصطناعي يتم عن طريق حقن مادة «يوديد الفضة» أو «الثلج الجاف» أو «الأملاح الرطبة» في السحب وتعتبر هذه الطريقة هي الأشهر للاستمطار.

فهذه التقنية ليست بجديدة وقد استخدمت منذ عام 1947 وهناك دول كثيرة تستخدمها مثل الصين والولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا والهند، التي استخدمتها خلال فترات الجفاف لري المناطق القاحلة. وفي ظل شح المياه والجفاف الذي تعاني منه الكثير من المدن العربية، اتجهت المنطقة إلى الاعتماد على تكنولوجيا الاستمطار الصناعي لعلاج قلة نسبة الأمطار ومواجهة حدة الجفاف وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، خاصة في الفترات الأخيرة. فكانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أولَيات الدول في المنطقة، التي خاضت تجربة الاستمطار الاصطناعي، حيث بدأت تجربتها عام 2001 - 2002، وتستهدف زيادة الحصاد السنوي من مياه الأمطار، وزيادة معدلات الجريان السطحي للأودية، وكذلك دعم المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية. كما قامت دولة الإمارات بتخصيص 5 ملايين دولار، لتشجيع العلماء والباحثين في برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار.

وقد ذكر عبدالله الحمادي، رئيس قسم الاستمطار بالمركز الوطني للأرصاد في الإمارات، أن «الاستمطار يزيد نوعاً ما كمية الأمطار من 10% إلى 30% تقريباً، وبالتالي يزداد المخزون المائي وتكون هذه الكميات صالحة لجميع أنحاء الدولة.

وتتم عملية تلقيح السحب عبر إطلاق شعلات ملحية على ارتفاع 9000 قدم فوق سطح البحر باستخدام طائرة بمحرك توربيني مزدوج». ويجمع العلماء في أبوظبي بين إطلاق الشعلات الملحية الجاذبة للماء وجزيئات الملح النانونية في تقنية جديدة لتحفيز عملية التكثيف في السحب لتسقط الأمطار بشكل أكبر. لكن هناك إشكاليات تواجه استخدام الاستمطار الصناعي في الدول العربية وأهمها تكلفتها المرتفعة، حيث لا يوجد توجه واضح للاعتماد عليها إلا في بعض الدول الغنية مثل الإمارات والسعودية.

فقد أشارت الإحصائيات إلى أن تكلفة استمطار حوالي 24 سحابة تبلغ 5 آلاف دولار. إضافة إلى ذلك، حتى الدول العربية القادرة على هذه التكلفة تعتمد بشكل أساسي على الخبرات الأجنبية، لذا على هذه الدول بناء خبرات وكوادر وطنية حتى تكون رائدة في هذا المجال.

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي