قام وزير الخارجية الهندي جاي شانكار بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة دامت ثلاثة أيام بهدف تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وكانت الهند والإمارات قد حددتا هدف رفع حجم التجارة البينية إلى 100 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتُعد هذه أحدث زيارة ضمن سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين، مما يشير إلى العلاقات الثنائية ذات الأهمية الاستراتيجية المتزايدة بين البلدين. ففي يونيو الماضي، التقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي. وفي شهر يوليو شارك الزعيمان في قمة «I2U2» الافتراضية.
وخلال زيارته، أكد الوزير الهندي لرئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على اعتزاز الهند بارتقاء العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد. وعقد وزير الخارجية الهندي ونظيره الإماراتي، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، الاجتماعَ الرابع عشر للجنة المشتركة الهندية الإماراتية، وذلك في وقت يعمل فيه البلدان على تعزيز التقارب الاستراتيجي بينهما والنهوض بعلاقاتهما الاقتصادية. وتُعد «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة» بين البلدين، والتي دخلت حيز التنفيذ في مايو الماضي، محركاً رئيسياً للعلاقة الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية ستعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. 
وهناك عدد من القطاعات التي يتوقع أن تستفيد كثيراً من تلك الاتفاقية. فالهند تعقد حالياً اتفاقياتِ تجارةٍ حرة مع عدد من البلدان، لكن الاتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة كانت الأُولى التي توقعها. وفي ما يتعلق بالهند، يشكّل قطاع المجوهرات والأحجار الكريمة جزءاً مهماً من صادرات الهند إلى الإمارات، ومن المتوقع أن يستفيد هذا القطاع بشكل مهم من إعفاء الرسوم الجمركية الذي حصلت عليه المنتجات الهندية بموجب الشراكة الاقتصادية الشاملة الهندية الإماراتية. كما تتوقع الهند الاستفادةَ من وصول تفضيلي إلى السوق الإماراتي بخصوص أكثر من 97 في المئة من المنتجات التي تمثل 99٪ من قيمة الصادرات الهندية إلى الإمارات. وتأتي هذه الصادرات من قطاعات تُعرَف بتشغيلها لعدد كبير من العمال، مثل المجوهرات والأحجار الكريمة والنسيج والجلود والأحذية والسلع الرياضية والبلاستيك والأثاث.. إلخ. ومن المتوقع أن تزيد الاتفاقيةُ الشاملةُ القيمةَ الإجماليةَ للتجارة البينية في السلع إلى أكثر من 100 مليار دولار. وقد ثمّن الجانبان الشراكةَ الاستثمارية بين البلدين ونمو استثمارات الإمارات في الهند في قطاعات متنوعة. 
وتزداد العلاقات بين الهند والإمارات العربية المتحدة عمقاً ومتانةً على خلفية دفء العلاقات الثنائية والرغبة القوية في تعزيزها. وتُعد الإمارات ثالثَ أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة، وهو مؤشر واحد فقط على مدى أهمية هذه العلاقات. وتشكّل العلاقات الاقتصادية والتجارية التي ما فتئت تزداد عمقا قاعدةً لنمو العلاقات التي تنوعت على مدى السنوات. ونتيجة لذلك، بات حجم التجارة الهندية الإماراتية، التي كانت تقدّر قيمتها بـ180 مليون دولار سنوياً في عقد السبعينيات، يناهز 60 مليار دولار اليوم، ما جعل من الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند في العام 2018-2019. وفضلا عن ذلك، تُعد الإمارات ثاني أكبر وجهة تصديرية للهند بعد الولايات المتحدة، بمبلغ يفوق 30 مليار دولار بالنسبة للعام 2018-2019.
وفي 2015، عندما زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت الزيارة الأولى لرئيس وزراء هندي منذ 35 عاماً، وُصفت بأنها زيارة مهمة تمنح العلاقات الاستراتيجية دفعةً قويةً وتحدِّد الاتجاه في مجالات مهمة مثل الأمن والدفاع والتعاون في محاربة الإرهاب. وفي فبراير 2016، خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند، اتفق البلدان على تعزيز تعاونهما في عدد من المجالات المهمة مثل الإنتاج الدفاعي المشترك. 

غير أن التعاون الثنائي لا يقتصر على الهند والإمارات فقط؛ ففي اجتماع اللجنة المشتركة الهندية الإماراتية، ناقش الجانبان أيضاً آفاق التعاون مع بلدان أخرى. ووفقاً لوزارة الخارجية الهندية، فقد زار فريق يتألف من ممثلين للحكومة والقطاع الخاص من الهند والإمارات كلا من كينيا وتنزانيا مؤخراً من أجل استكشاف فرص إقامة مشاريع مشتركة في القطاع الصحي. وإلى جانب القطاع الصحي، يتعاون الجانبان أيضاً في مجال التعليم. وقد عرفت المباحثات حول تأسيس معهد هندي للتكنولوجيا في الإمارات تقدماً مع إنشاء مجموعة عمل مشتركة بين مؤسسات البلدين. كما تمثّل الجالية الهندية التي تعمل وتقيم في الإمارات جزءاً أساسياً من العلاقة الثنائية. ومما لا شك فيه أن علاقات الهند والإمارات تجتاز مساراً إيجابياً للغاية في وقتنا الحالي، والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى ستساهم في تعزيز هذه العلاقات المتنامية. 


*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي