في الوقت الذي تضعف فيه معظم أسواق الأسهم العالمية بسبب دورة تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي، يتجه مؤشر الأسهم الإندونيسي نحو مستوى قياسي مرتفع. فقد أغلق مؤشر جاكرتا المركب القياسي مرتفعاً بنسبة 0.6% عن الذروة التي سجلها في أبريل بعد تجاوز هذا المستوى لفترة وجيزة.

ويؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتفاؤل بشأن التوقعات الاقتصادية إلى تحقيق مكاسب في أكبر أسواق الأسهم في جنوب شرق آسيا، والتي شقت طريقها إلى مكاسب بنسبة 10% تقريباً هذا العام.

من الأسهم إلى الائتمان والديون السيادية، برزت إندونيسيا كملاذ آمن نوعاً ما من الاضطرابات التي يغذيها ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية. وأدت الوتيرة الأقل جرأةً لتشديد السياسات والنمو المرن إلى جعل الاقتصاد في حالة أفضل لتحمل تداعيات الانكماش العالمي. يقول علياهدين سوجي، رئيس مانديري إنفستاسي: «ما تزال إندونيسيا جذابة نسبياً مع نمو قوي وأسعار سلع مواتية.

وما تزال السياسات المالية والنقدية جيدة للغاية، لذلك فإن الروبية تحتفظ باستقرارها. يجب أن يرى المستثمرون الأجانب أن هذا ما يزال إيجابيا للغاية بالنسبة لإندونيسيا، ويمكنهم دعم سوقنا». وقد حقق مؤشر جاكرتا المركب تقدماً على مدى شهرين متتاليين، ويتوقع محللو «سيتي جروب»، ومن بينهم «فيري وونج»، أن يرتفع المؤشر إلى 7575 بحلول نهاية العام. وباعتبارها مصدراً رئيسياً لسلع مثل زيت النخيل والفحم والنيكل والقصدير، استفادت إندونيسيا من ارتفاع الأسعار وتفوق سوق الأسهم فيها على جميع قريناتها الآسيويات الرئيسيات الأخريات هذا العام.

وحتى بالنسبة للمستثمر الذي يعتمد على الدولار، ارتفع المؤشر القياسي بنسبة 6%، وهو عائد جذاب عندما تفكر في انخفاض مؤشر MSCI AC World بنحو 20% خلال العام الجاري 2022. وقد ضخت الصناديق العالمية ما يقرب من 5 مليارات دولار في الأسهم الإندونيسية هذا العام. وقال روديانتو، مدير شركة «بانين لإدارة الأصول»: «من المتوقع أن تستمر شركات السلع والطاقة ذات التقارير المالية الجيدة، وخاصة الفحم، في جني أرباح أعلى، كما أن توزيعات الأرباح جذابة بالتأكيد».

ومن الملاحظ أيضاً أن بنك إندونيسيا قد تبنَّى نهجاً أكثر حذَراً تجاه تطبيع السياسة، حيث بدأ فقط في التشديد الشهر الماضي برفع ربع نقطة. وكانت السلطات قادرةً على كسب الوقت من خلال استخدام متطلبات الاحتياطي ومبيعات السندات للتخلص من السيولة الزائدة في النظام المالي. وقد ساعد التحسن في التوقعات الاقتصادية أيضاً على تعزيز المعنويات بعد أن تضمنت الميزانية السنوية للبلاد التي تم الكشف عنها الشهر الماضي خِططاً لتقليص العجز المالي وإعادة النمو إلى مستويات ما قبل الوباء.

وتتوقع السلطات أن يتوسع الاقتصاد الإندونيسي بنسبة تتراوح بين 5.1% و5.4% هذا العام و5.3% خلال عام 2023. وهذا لا يعني عدم وجود مخاوف، بل من المرجح أن يؤدي تباطؤ النمو في الصين إلى الإضرار بالطلب على السلع، ومن المتوقع أن يؤثر عزم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة على الاقتصاد العالمي والصادرات. لكن في الوقت الحالي، امتد التفاؤل إلى الأسواق الإندونيسية الأخرى؛ فقد ارتفعت السندات الحكومية بما يقارب 2% هذا الربع لتتفوق على جميع نظيراتها الآسيوية الناشئة، بينما أثبتت الروبية الإندونيسية أنها الأكثر مرونةً في مواجهة الدولار خلال هذه الفترة.

وفي سوق سندات الشركات بالدولار، انخفض متوسط قسط التأمين الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بالائتمان بالعملة الأميركية بمقدار 46 نقطة أساس هذا الربع، وهو أعلى معدل من نوعه في المنطقة. وقامت إندونيسيا مؤخراً بتسويق سندات بالدولار بحجم قياسي، مع تقديم الدين على مدى ثلاثة فترات، من 5 سنوات إلى 30 عاماً.

وأدى التحسن في أساسيات الائتمان في البلاد إلى رفع معنويات المستثمرين. وأعلنت الحكومة عن هدف خفض العجز المالي عند 2.85% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023، أي أقل من مستوى الـ3% المقرر أصلا، بينما تعزَزَ مركز حسابها الجاري نتيجةً لارتفاع أسعار السلع الأساسية.

فتحية دهرول*

*صحفية لدى «بلومبيرج» تغطي أخبار الشركات وأسواق المال .

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»