الأحداث المتتالية التي تستهدف النساء في الشرق الأوسط تدفعنا إلى مراجعة سريعة لواقع المرأة في المنطقة، حيث نالت النساء في دولٍ حقوقهن، فيما لا تزال تعاني من فقدان أبسط الحقوق في بلدان أخرى. وفي دولة الإمارات حققنا قفزةً كبيرةً في حماية المرأة وإعلاء شأنها من خلال سن قوانين تحميها وتعطيها كاملَ حقوقها كالرجل، والتأكيد على مكانتها سواءً في المجتمع أم في سوق العمل وفي مؤسسات الدولة.

وهذا النهج الذي اتبعته الإمارات هو نهج راسخ أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ كان يدرك أهمية دور المرأة، وأنها ليست فقط نصفَ المجتمع، بل هي شريك للرجل في كافة تفاصيل الحياة، لذا فقد انطلق تمكين المرأة واستمر كفكر وكاستراتيجية منذ التأسيس وإلى الآن.

وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أن تقدير المرأة منهج ثابت تسير عليه الدولة، وقد وضعت رؤيةً واضحةَ المعالم تحظى فيها المرأة الإماراتية بكامل الحقوق لتكون الشريك في بناء الوطن، وليكون تمكين المرأة أولوية أساسية في رؤية التنمية الإماراتية. لقد تابع العالَمُ قصةَ الإيرانية «مهسا أميني» (22 عاماً)، والتي دخلت في غيبوبة بعد احتجازها في مركز أمني ثم فارقت الحياة بعد ثلاثة أيام.

ورغم عدم التأكد حتى الآن من سبب الوفاة، حيث تنفي السلطات حدوث احتكاك مع «أميني»، فإن جهات حقوقية تؤكد تعرضها لعمل ما. إلا أن هذا المشهد القادم من إيران يعيد فتح حوادث وقصص كثيرة لنساء تعرضن للعنف في دول عدة، وفي كثير من الأحيان يكون المجتمع هو الذي يقف وراء تلك الحالات، حيث إن عدم تقبل المجتمع فكرةَ أن للمرأة حقوقاً وأنها يجب أن تتمتع بحريتها مثل الرجل.. تَسبَّبَ في حوادث تعنيف وحتى قتل، طالت العديد من النساء في الشرق الأوسط.

وفي كل تلك الحوادث على اختلافها، تبقى فيها المرأةُ الحلقةَ الأضعف ضمن المعادلة، فهناك قصص مؤلمة لنساء عشن ظروفَ الأزمات والحروب في سوريا والعراق واليمن وليبيا، حيث وقعت قصص لا يمكن وصفها، ويكفي أن نتذكر مآسي النساء الأيزيديات اللواتي تعرضن للخطف والاسترقاق والاغتصاب!

ربما تختلف قصص نساء الحروب عن قصص فردية لنساء في دول أكثر استقراراً، كما مصر ولبنان والأردن، حيث شهدنا قصصاً مؤسفة لفتيات قُتلن فقط لكونهن إناثاً ضعيفات يحكمهن المجتمع الذكوري، مثل جرائم الشرف وجرائم التخلص من الفتيات لأسباب أخرى كغيرة الزوج أو تعنيفه لزوجته مثلاً.

ومن الحكايات المتكررة وقوف المجتمع مع المعنِّف ضد المعنَّفة فقط لأنها فتاة، وهذا كفيل بتوفير صك غفران للرجل مهما قام به من ممارسات. ومن أغرب أسباب قتل فتيات، القتل بسبب الحب الذي غالباً ما يكون من طرف واحد، وهو ذكر لا تبادله الأنثى شعورَه، وحين تواجهه بالحقيقة يَقْدم بكل بساطة على قتلها، وهنا نتذكر «نيرة أشرف» و«إيمان أرشيد».

ومع اختلاف نوعية القتل هذه، فهي تظل مرتبطة بفكر ذكوري يرفض أن تتخذ الفتاةُ قراراً يتنافى مع قراره، ليعتقد أنه بكل بساطة يملك الحقَّ في إنهاء حياتها. والأغرب هو ردة فعل المجتمع لمثل هكذا حالات، حيث يقوم البعض بلوم الضحية وتبرير ما قام به القاتل، وهنا نعود أيضاً لأساس كل تلك المشكلات وهو عدم إدراك المجتمع معنى حقوق المرأة وحريتها ومكانتها المساوية للرجل.

*كاتب إماراتي