حظيت الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى سلطنة عُمان ولقاؤه أخاه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، سلطان عُمان، بحفاوة استقبال استثنائية من الجانب العُماني، تعكس العلاقات العميقة بين البلدين، والقائمة على المصير الواحد والمصالح المشتركة.

وتأتي هذه الزيارة توطيداً للعلاقات الراسخة بين البلدين، والتي أسسها المغفور لهما - بإذن الله تعالى - الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد، رحمهما الله، القائمة على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما.

على مدار السنوات الخمسين الماضية، تواصلت الزيارات واللقاءات بين قيادتي البلدين، وكانت الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، إلى سلطنة عُمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم خلالها تشكيل لجنة عليا مشتركة بينهما، كما ازدادت العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكاً ورسوخاً في ظل قيادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق.

العلاقات الإماراتية العُمانية تسير بخطى متسارعة وواثقة، يعززها التقارب الاجتماعي والثقافي والجغرافي، والدعم المتواصل من القيادتين الرشيدتين، حيث تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى سلطنة عُمان انسجاماً بما تؤمن به دولة الإمارات بأهمية التواصل ومد الجسور والحوار كضرورة لتعزيز وتطوير علاقات إيجابية تخدم مصالحها الوطنية.

ودعماً للتعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية، ودفعها إلى الأمام، بما يلبي تطلعات البلدين، ويحقق أهدافهما على صعيد التنمية المستدامة، فقد وقّعت دولة الإمارات وسلطنة عُمان الشقيقة، على هامش الزيارة، 16 مذكرة تفاهم، غطت مجالات واسعة، تشمل الصناعات المتقدمة مثل الفضاء والتكنولوجيا الطبية والزراعية والطيران، والتي تسهم في تعزيز العلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين.

ويأتي التعاون بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان الشقيقة في إطار تعزيز الفرص الاقتصادية والاستثمارية الواعدة بين البلدين، من خلال تسهيل الإجراءات على المستثمرين والصناعيين ورجال الأعمال في مجالات الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وصناعات المستقبل، والصناعات المستدامة، حيث تعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لسلطنة عُمان على مستوى العالم.

ومن أبرز الاتفاقيات الموقعة؛ اتفاقية تعاون بشأن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين، وتتضمن تأسيس شركة عُمان والاتحاد للقطارات المملوكة بالمناصفة بين الجانبين، بهدف تصميم وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية في الدولة، باستثمارات إجمالية للمشروع بقيمة 3 مليارات دولار أميركي، والتي تؤكد عزم الجانبين على فتح آفاق جديدة في قطاعات البنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية، وذلك من خلال ربط البلدين بالسكك الحديدية، وتعزيز الحركة التجارية. كما لا بد لي أن أشير إلى اتفاقية الشراكة الموقعة بين القابضة «ADQ» وجهاز الاستثمار العُماني «OIA» بقيمة 10 مليارات درهم، لتمكين الاستثمارات في قطاعات ذات أولوية واهتمام مشترك بين كل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان.

وتحرص الدولتان على تعميق وتوسعة العلاقات الثنائية لتعزيز النمو في البلدين، خصوصاً في القطاعات الصناعية الحيوية وذات الأولوية، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2021 أكثر من 46 مليار درهم بنمو 9% عن 2020، وتعد سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات، وتستحوذ على 20% من إجمالي تجارتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وتظل سياسة دولة الإمارات داعمة للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وعوناً للشقيق والصديق، وداعية إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدمها، وستستمر في نهجها الراسخ في تعزيز العلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع.

وتؤمن دولة الإمارات بأهمية شراكاتها المستمرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتوطيد علاقاتها الاستراتيجية، حيث تربط بين شعوب دول الخليج روابط تاريخية قوية ومصير مشترك. كما تؤمن دولة الإمارات بتعزيز وتطوير علاقات التعاون مع الأشقاء، وأن محيطها الخليجي هو أساس علاقاتها وشراكاتها الخارجية، باعتبار ذلك محوراً أساسياً من محاور سياستها الخارجية الهادفة إلى استقرار وازدهار المنطقة.

وأخيراً... فإن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى سلطنة عُمان، في أول زيارة له رئيساً لدولة الإمارات، تحمل رسالة مهمة مفادها بأن العلاقات الإماراتية - العُمانية لن تظل قوية فحسب بل ينتظرها مستقبل زاهر، وهي ماضية بكل عزم نحو مستقبل مشرق من التعاون القائم على الأخوة والاحترام المتبادل، لتحقيق آمال وطموحات شعبي البلدين بالرخاء والتقدم والاستقرار والازدهار.

معالي / خليفة شاهين المرر* 

*وزير دولة