في كندا عام 1960 قام شرطي بإيقاف رجل مسنّ يقود سيارته، لأنه قام بمخالفة رصدها الرادار. قال الرجل للشرطي: «لو كنت أعرف أن ذلك سيحدث لما اخترعتُ الرادار».

كان ذلك هو العالم الشهير «واتسون وات» مخترع الرادار، والذي لولاه لانهزمت بريطانيا في الحرب العالمية الثانية. قدمّت عائلة وات البريطانية اثنيْن من كبار العلماء الذين شاركوا في صنع الحضارة المعاصرة، الأول هو جيمس وات، والثاني هو واتسون وات، وكلاهما ولد ودرس في اسكتلندا.

في عام 1736 ولد جيمس وات، والذي تأثر بجدّه مدرس الرياضيات، وبصديقه الفيزيائي «جوزيف بلاك» مكتشف الحرارة الكامنة، والتي تمثل بداية الديناميكا الحرارية. كان لدى والد جيمس وات ورشة لإصلاح السفن، وكانت بمثابة معمل مناسب للتجارب العمليّة، وقد انتهت به تجاربه إلى تطوير محرك البخار على النحو الذي جعله أساسياً في انطلاق الثورة الصناعية.

يروي مؤرخون قصة طريفة تتعلق بمشاهداته لغلايّة المياه، وكيف تكرر مشهد قيام البخار برفع غطاء الغلاية إلى أعلى، وهو ما قاده إلى التطوير الكبير لمحرك البخار، وهى القصة التي يشكك بها مؤرخون آخرون. لكن ما حدث بالفعل أن محرك جيمس وات وطاقة البخار كانت تحولاً ثورياً في التكنولوجيا الحديثة. أطلقت جامعة غلاسكو في اسكتلندا اسم «جيمس وات» على كلية الهندسة، وأطلق العلماء على وحدة حساب القدرة الكهربائية اسم «وات» تخليداً لذكراه.

بعد (73) عاماً من رحيل جيمس وات، قدمت العائلة الفيزيائي الشهير «واتسون وات»، ثاني مخترع عملاق من عائلة وات، على الرغم من عدم الوضوح الدقيق لصلة القرابة. ولد واتسون وات عام 1892، ولما اندلعت الحرب العالمية الثانية، كانت الطائرات الألمانية تقصف بريطانيا بلا هوادة.. وكان هناك تقدير شائع في لندن أن ألمانيا تطور سلاحاً لتدمير الطائرات اسمه «شعاع الموت»، وهو ما يتوجب العمل لمواجهته والردّ عليه.

في المحاولات التي جرت لتحقيق ذلك الهدف، قام واتسون وات باختراع جهاز للكشف عن الطائرات، وكان ذلك هو الرادار، والذي أصبح مقدمة تطور منظومة الرادارات في العالم. كان الرادار سبباً أساسياً في فشل الهجوم الجوي الألماني، حيث مكّن الاختراع الجديد البريطانيين من انتظار الطائرات النازية ومواجهتها، فقد أصبح من السهل مراقبة الطائرات وتحديد مكانها قبل اقترابها بمسافة كافية.

لم يعد استخدام الرادار منذ ذلك الحين حصرياً في الشأن العسكري، بل أصبحت الحركة العالمية في البر والجو والبحر تحيطها شبكة رادارات كبرى. وقد كان للاستخدام المدني للرادارات دور كبير في تطور حركة الطائرات والسفن في عالم اليوم، وعلى مدار الساعة.

لقد قدمت عائلة وات عالميْن كبيريْن كان إسهامهما أساسياً في نهضة العالم المعاصر.. إنّ الدأب والعزيمة التي امتلكاها جديرة بأن تلهم شبابنا، وما قدمته عائلة وات يجب أن يكون ملهماً لعائلاتنا. المشاهير التافهون يجب ألا يكونوا ملهمين، الملهمون الحقيقيون هم المشاهير المبدعون.

*كاتب مصري