جلبت الأشهر الستة الماضية الهدوء والاستقرار النسبي في اليمن، بسبب تجديد الهدنة الأممية خلال الفترة الماضية مرات عدة متتالية، بينما تتسم مفاوضات الهدنة الأممية الراهنة بالغموض، بعد انتهاء الهدنة السابقة في الثاني من أكتوبر.
 لم تثمر محاولات المبعوث الأممي، والأطراف الدولية والإقليمية المهتمة، والتي تتواصل مع «الحوثيين» بنتيجة إيجابية، وبرغم الأنباء الأولية عن موافقة وفد التفاوض «الحوثي»، إلا أن بيان ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى لدى «الحوثيين»، مثّل تراجعاً واضحاً عبر ما أسموه الورقة التي لا تؤسس لعملية السلام، كما لم تخل تصريحات الناطق العسكري باسم «الحوثيين»، من التهديدات باستهداف المصالح الاقتصادية لدول التحالف، والشركات الملاحية التي تعمل من اليمن، ولها وجهات إلى دول التحالف، ما يهدد الهدنة الأممية بالانهيار ويقوض الأمن والاستقرار. 
تحدثت تقارير إعلامية عن الاتفاق الذي تقدم به المبعوث الأممي، والذي تضمن تمديد الهدنة لمدة ستة أشهر دفعة واحدة، بالإضافة إلى رفع قيود عن مطار صنعاء، ليحصل على خطوط جديدة للطيران، مع رفع القيود عن ميناء الحديدة، على أن يتم تحويل الإيرادات إلى حساب خاص بإشراف الأمم المتحدة، لاستخدام الإيرادات لأغراض صرف رواتب الموظفين، كما تضمنت البنود فتح الطرقات المغلقة في مدينة تعز.
يتمثل الخلاف ما بين المجلس الرئاسي الذي يعبر عن الحكومة الشرعية و«الحوثيين»، في مطالبات «الحوثيين» بأن تقوم الحكومة الشرعية بدفع الرواتب من إيرادات قطاع الطاقة في المحافظات المحررة، دون ضمانات من مشاركة «الحوثيين» في دفع الرواتب، أو حتى ضمانات لرفع الحصار عن مدينة تعز.
يستغل «الحوثيون» حاجة المنطقة إلى الاستقرار، خصوصاً مع اقتراب استضافة كأس العالم في قطر، والذي سيجذب أعداد هائلة من مشجعي المونديال إلى المنطقة، وخصوصاً إلى الإمارات والسعودية، ما يعني استمرار الضغوط الدولية والإقليمية في اتجاه تمديد الهدنة، وهذا ما يستغله الحوثيين عبر رفع سقف المطالب، وعدم إعطاء ضمانات كافية، ما شكل ضغطا على المجلس الرئاسي باتجاه الرفض.يحاول «الحوثيون» حصر الخيارات نحو العودة إلى حالة الحرب، أو الموافقة على الهدنة، بشروط تتوافق مع مصالح «الحوثيين»، وبهذا الشكل يبتز الحوثيين المجتمع الدولي، عبر استغلال التداعيات الدولية المتأثرة من الحرب الروسية الأوكرانية، واستغلال حاجة الغرب إلى سد الحاجة من الغاز الروسي. لذلك، يضغط الحوثيين على الولايات المتحدة عبر تهديد منابع الطاقة في الشرق الأوسط. 
عند النظر إلى ردات فعل «الحوثيين» السابقة، سنجد أنه كلما تلقى «الحوثي» هزائم عسكرية، يخضع بسهولة للشروط الأممية، بينما رفع الضغط عن «الحوثيين»، يجعلهم في حالة أكثر استعدادا للتفاوض، واستغلال الموقف عبر رفض البنود الأممية ورفع سقف الشروط. 
المجتمع الدولي والإقليمي مع توجه تمديد الهدنة لفترة أطول، ثم التحول إلى مسارات قد تؤدي للسلام الشامل في اليمن، وهناك توافق دولي لإعطاء الملف الإنساني الأولوية، وعودة الاستقرار للشعب اليمني، بينما هناك تحركات «حوثية» واضحة، تعرقل سير مفاوضات الهدنة الأممية، ولا تضع مصلحة الشعب اليمني أولوية عند اتخاذ القرارات؟!
* إعلامية وكاتبة بحرينية.