إزاء موجة الاتهامات الفجة الصادرة من دوائر في واشنطن للمملكة العربية السعودية بالوقوف إلى جانب روسيا ومساعدتها في استمرار حرب أوكرانيا، بعد تصويت «أوبك+» بالإجماع لخفض إنتاج النفط، أيدت دولة الإمارات العربية المتحدة في بيان لها موقف المملكة العربية السعودية بشأن مراجعة أوضاع الأسواق النفطية وخفض الإنتاج. وأكدت الإمارات أن قرار خفض الإنتاج جاء بناءً على تصويت مجموعة «أوبك+»، مع رفضها التام لأي تصريحات تدفع إلى تسييس القرار، ومطالبتها ضرورة الحوار. كما أكدت دولة الإمارات على وقوفها التام مع المملكة العربية العربية السعودية بما يخدم استقرار أسعار الطاقة، ويحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، وهذا موقف ليس بمستغرب على دولة حليفة كالإمارات العربية المتحدة التي لطالما كانت مواقفُها مشرفةً ونبيلةً. 
وقد تلقت المملكةُ العربية السعودية اتهامات واشنطن بتأنٍ وضبط للنفس، لعلمها التام أن بعض التصريحات مجرد «مناورة سياسية» من قبل إدارة بايدن الحالية، لتجنب إضعاف موقف حزبه في انتخابات التجديد النصفي، وذلك وفقاً لتحليلات من داخل أميركا نفسها، بما في ذلك صحيفة «وول ستريت جورنال» التي سبق أن أشارت إلى أنه، وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن واشنطن ستنظر إلى قرار الخفض على أنه انحياز واضح لروسيا في حربها مع أوكرانيا، وأن هذه الخطوة ستحدث تغييراً في تعامل الإدارة مع المملكة! وهذا الأمر لا يخفى على القيادة السعودية، فالاتهامات التي تواجهها دون الدول الأعضاء الأخرى في «أوبك+» هي اتهامات زائفة، كما صرح وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان حين استغرب اتهام المملكة بالوقوف مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا، علماً بأن هذه الاتهامات لم تأت من حكومة أوكرانيا! وتساءل: «إيران كذلك عضو في أوبك+، فهل يعني هذا أن المملكة وقفت بجانب إيران أيضاً؟».
ما لا تفهمه واشنطن حتى اليوم هو أن العالَم يتغير، وأن موازين القوى في حالة تبدل، وأن النظام العالمي الجديد يتشكل بعدة أقطاب سيكون البقاء فيها للأقوى وليس لمن كان أقوى وما يزال يطلق التصريحات الرنانة كما لو أنه شرطي العالم وقائده المخلّد، أو كما لو أنه لن يكون هناك قائد عالمي بعد أميركا كما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل أيام، قائلاً إن العالَم لا ينظم نفسه -حسب رأيه- وإذا لم تستطع الولايات المتحدة أن تصبح القائدَ فهناك مَن سيحل محلها مثل الصين التي لا تتوافق مع أميركا (لا قيماً ولا مصالح)، وفي حال عدم وجود زعيم للعالم فإن ذلك سيشكل فراغاً تملأه الأحداث السيئة!
لكن الاستفزاز المتكرر للعالم بهذه اللغة ليس إلا بداية النهاية للسياسة القطبية أو كما تسمى (تخففاً) سياسة التوازنات التي تعتمد على إثارة القلق، كالدعم لأوروبا وفي ذات الوقت تهديدها بروسيا، وكما هو الحال في دعم كوريا الجنوبية وتهديدها بكوريا الشمالية.. وهكذا! 
ومهما يكن فالخليج العربي جزء مهم جداً من هذا العالم المتلاطم بالمصالح، لكن متغيرات المرحلة تفرض نفسها لتجبر العالم بأسره على احترام سيادة دول منطقة الخليج، واحترام قرار «أوبك+» وتأييد استقرار الاقتصاد العالمي بمعطيات الدول المنتجة ومصالحها، كما تلزم الجميع بالتسليم بقرار خفض الإنتاج الذي هو في جوهره قرار اقتصادي بحت وليس استفزازاً لأحد كما اعتقدت الإدارة الأميركية. 

*كاتبة سعودية