أكثر من سبعة عقود من الامتداد الطبيعي لعلاقة نموذجية متميزة بين الإمارات ومصر، تمثل ثلاثة أرباع عمر مصر الحديثة منذ ثورة 1919. فمظاهر علاقة مصر بإمارات ساحل عمان خلال الفترة من 1955 إلى 1971، تمثلت في دور البعثات التعليمية المصرية في الارتقاء بالتعليم النظامي، أو عبر التحاق طلبة الإمارات بالدراسة في المعاهد أو الجامعات المصرية، فضلا عن الدور الذي لعبه الإعلام المصري في التوعية بقضايا الساحل من خلال إذاعة «صوت العرب»، إضافةً إلى تبني مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر لقضايا الساحل، عربياً ودولياً، وتفاعل إمارات الساحل مع أبرز الأحداث التي مرَّت بها مصر. 
ربطت مشاعر القومية العربية بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ أيَّد «ناصر» حلم «زايد» في اتحاد الإمارات السبع معاً لتصبح الإمارات العربية المتحدة، وأوفد إليه بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، وكان «عبدالرحمن حسنين مخلوف» هو الرجل الذي خطَّط البنية التحتية لإمارة أبوظبي.
الشيخ زايد، طيب الله ثراه، منحته مصر لقب «حكيم العرب»، لمعرفتها ببصيرته الثاقبة وعقله الواعي ورؤيته الصائبة وقت اشتداد الأزمات. وقد بادر زايد بمد يده البيضاء إلى مصر، وهو حاكم لإمارة أبوظبي، وخاصة عند العدوان الإسرائيلي على مصر عام 1967. والشيخ زايد هو صاحب المقولة الشهيرة «مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب». لذا نجد أنه منذ «الربيع العربي» المشؤوم، يسعى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، للوقوف بجانب مصر سداً منيعاً لمنع وقوعها في براثن «الربيع» المخادع. وما فتئ سموه ينظر إلى مصر باعتبارها عمود خيمة الأمة العربية الذي يراد له أن ينكسر بأيدي مَن يتربصون بالأمة على أبواب «الفوضى» باسم «الربيع» المخاتل وباستخدام شعارات براقة لتحطيم المكتسبات وعلى رأسها الأمن والاستقرار، أي الشرط اللازم للتنمية والازدهار. 
الرقم في حد ذاته ذو دلالة خاصة، أو كما يقول المثل الأميركي «الأرقام لا بد أن تترك لك علامةً على الباب». منذ عام 2014 وحتى الآن التقى قادة البلدين 30 مرةً، سواء أكان اللقاء في الإمارات أم في مصر.. فبين البلدين وحدة في الشعور ووحدة في الهدف.
كنت في لقاء على الهواء مع إحدى القنوات المصرية للتعليق على إحدى زيارات الرئيس السيسي للإمارات، وسألني المذيع عن رأيي في زيارة السيسي إلى بلده الثاني الإمارات، فقلت له: السيسي أصلاً لم يغادر بلده الإمارات. 
لهذه اللقاءات المكثفة دلالة عميقة فيما يتعلق بموقع مصر على خارطة العالم العربي، وضرورة بذل كل الوسع للحفاظ على هذه المكانة الجيوسياسية، لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة تتنافس عليها دول من خارج الإقليم لتقاسم النفوذ والتدخل في الشؤون الداخلية لبلدانها.
لا شك أن اللقاءات التي تجمع بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس عبد الفتاح السيسي تعبّر عن إدراك قيادتي الدولتين لأهمية التنسيق المشترك، من أجل بناء مواقف موحدة للتصدي لمختلف التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية بوجه عام. لقد أثبتت الإمارات ومصر، خلال السنوات الماضية، أن جهودهما ومواقفهما المشتركة تجاه مختلف القضايا تعزز أسس الأمن والاستقرار في المنطقة.


*كاتب إماراتي