أصبح «ريشي سوناك» أول رئيس وزراء للمملكة المتحدة وزعيماً لحزب المحافظين البريطاني من أصول آسيوية، وأول رئيس يفوز برئاسة الحكومة في عهد الملك تشارلز الثالث، وثالث من يتولى السلطة في بريطانيا خلال نحو سبعة أسابيع، في ضوء استقالة بوريس جونسون وليز تراس.

دخلت استقالة رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس التاريخ، من حيث قصر الفترة التي لم تتجاوز 45 يوماً، لتحطم رقم رئيس الوزراء السابق «جورج كانينغ»، والذي ترأس الحكومة البريطانية لمدة 119 يوماً، ما أجبر حزب المحافظين على إجراء الانتخابات الداخلية بشكل عاجل، في ضوء الركود الاقتصادي وارتفاع التضخم، بالإضافة إلى أزمة غلاء المعيشة وتداعيات أزمة الطاقة.

بدأت ليز تراس عهدها بوفاة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، واتسمت الفترة القصيرة لتوليها السلطة بالفوضى، بعد خروج اثنين من أبرز وزراء الحكومة، بعد إقالتها وزير المالية «كواسي كوارتنغ»، واستقالة وزيرة الداخلية «سويلا برافرمان»، ومن الواضح أن برنامجها الاقتصادي كان السبب الأبرز في تقديم استقالتها، بعد تقديمها ميزانية تتضمن تخفيضات ضريبية كبيرة من دون تغطية مالية، ما أثار الذعر في الأسواق، وتسبب في انهيار السندات البريطانية وانخفاض الجنية الإسترليني بشكل غير مسبوق، ما جعل معدلات التأييد لتراس وحزب «المحافظين» تتراجع بشكل كبير.

عمل ريشي سوناك وزيراً للخزانة في عهد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وتحديداً خلال فترة جائحة كوفيد- 19، نجح بها في وقف نزف فقدان المواطنين البريطانيين لوظائفهم، وعرف عنه ابتكاره لبرنامج دعم حكومي اقتصادي لدعم أرباب العمل والموظفين، كما عمل حينها على تقليص عدد المهاجرين، من خلال تمويل جهود منع وصول المهاجرين عبر القناة البحرية.

طرحت عدة أسماء لرئاسة الحكومة البريطانية، كان بوريس جونسون أحدها ثم انسحب من السباق، والمثير أنه عين سوناك في حكومته، الذي استقال احتجاجاً على قراراته، ما أدى إلى استقالته فيما بعد، ولذلك يصف أنصار جونسون «سوناك بالخائن»، كما دخلت سباق الترشح بيني موردونت وزيرة الدفاع السابقة، ثم انسحبت بسبب عدم قدرتها جمع ما يكفي من أصوات نواب الحزب، وأعتقد أن فوز سوناك السريع كان بسبب نجاحاته السابقة كوزير للخزانة، وإدارته لملف اقتصاد بريطانيا المتراجع بفعالية خلال جائحة فيروس كورونا.

ستكون برأيي أبرز أولويات رئيس الوزراء الجديد سوناك، هي معالجة تقدم حزب «العمال» المعارض في استطلاعات الرأي، في سابقة لم تحدث منذ عقد التسعينيات، وقبل عامين من الانتخابات التشريعية، كما هناك تحدي سمعة بريطانيا المالية وطمأنة المستثمرين، حيث وصلت الفوائد على ديون بريطانيا 7.7 مليار جنية إسترليني، ويعتبر أعلى رقم منذ عام 1997، ولا شك معالجة أزمات التضخم الذي تجاوز 10%، وغلاء المعيشة التي يعاني منها ملايين البريطانيين. الأيام القادمة ستكون صعبة على بريطانيا وحزب «المحافظين»، وأمام سوناك تحديات صعبة جداً، لانتشال بريطانيا من جسر الانهيار إلى طريق النمو.

*إعلامية وكاتبة بحرينية.