خلال إقامتي الحالية في جمهورية مصر العزيزة، لاحظت مدى رسوخ العلاقات المصرية الإماراتية على جميع الأصعدة. ومع أن هذه العلاقات يرجع تاريخها إلى ما قبل عام 1971، حين قامت دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فقد ظهرت مواقف دولة الإمارات بقوة إلى جانب مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 دعماً لجهود الحفاظ على الدولة المصرية ومؤسساتها وحمايتها من اجتياح «الإخوان» الذين لا يؤمنون لا بدولة ولا بحضارة. ولحسن الحظ تمددت إقامتي في مصر حتى شاهدتُ افتتاحَ فعاليات الاحتفال بمرور 50 عاماً على العلاقات الإماراتية المصرية. 
وقد غرد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بهذه المناسبة وقال: «احتفاء الإمارات ومصر بالذكرى الـ50 لإقامة العلاقات بينهما، تأكيد لعمق الروابط الأخوية بين البلدين وشعبيهما منذ عهد الشيخ زايد رحمه الله.. الإمارات ومصر عنصر استقرار إقليمي ونموذج للعلاقات بين الأشقاء.. وبالتعاون مع أخي عبد الفتاح السيسي ستمضي علاقاتنا دائماً إلى الأفضل». وكذلك قال فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذه المناسبة إن «العلاقة بين مصر والإمارات تقوم ليس فقط على مشاعر الأخوّة والمحبة والصداقة الحقيقية، بل أيضاً على الفهم الواقعي الدقيق لظروف المنطقة والعالَم، وعلى التكامل وتعزيز التعاون والمصالح المشتركة». 
إن من أهم التحديات التي تواجه البلدين والمنطقة ككل ما أفرزته الأزمات الإقليمية من تهديدات للأمن والاستقرار ولجهود مكافحة الإرهاب والتطرف، وهو ما تسعى الدولتان للتغلب عليه من خلال تعزيز الفكر التنويري العلمي المبني على أسس حضارية وثقافية، وقد تناولت ذلك كلمةُ معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء بدولة الإمارات، خلال فعاليات الاحتفال، حيث قال: «مصر حافظ إبراهيم وأحمد شوقي، مصر كوكب الشرق وعبد الوهاب وعبد الحليم، مصر مجدي يعقوب وأحمد زويل، مصر القاهرة بتنوعاتها، الإسكندرية بشواطئها، سيناء بفيروزها، الصعيد والدلتا بأهلهما، مصر العاصمة الإدارية بمستقبلها الواعد، مصر أنتم ونحن جميعاً مصريو الهوى والتكوين والانتماء.. فمصر وطن العروبة ومهد الحضارة». 
ورغم أن الإمارات تحتل المركز الأول دولياً وعربياً من حيث الاستثمار الاقتصادي الأجنبي والتبادل التجاري في مصر، لكن التعاون الثقافي أيضاً قوي جداً بين البلدين. وقد قدّم الرئيس السيسي، في مايو 2015، قلادةَ الجمهورية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تقديراً لمواقفه الداعمة لقطاع الثقافة في مصر. كذلك تحرص دولة الإمارات على دعم الأزهر الشريف عبر تمويل مشروعات تبلغ تكلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم.
إن مواجهة التطرف الفكري والديني، الذي تعمل على نشره الجماعات المؤدلجة مثل «الإخوان» وغيرها، لا يمكن أن تتحقق إلا بفكر تنويري مضاد، وهذا ما تضطلع به الشراكة الإماراتية المصرية ثقافياً وعلمياً. 

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي