عندما عقد الرئيس السنغالي، ماكي سال، قمة أفريقيا للتكيف مع المناخ في روتردام الشهر الماضي، كانت الفكرة تتمثل في الجمع بين البلدان التي تحتاج إلى المساعدة في التكيف مع كوكب يزداد احتراراً والدول الصناعية المسؤولة عن انبعاثاتها.

لكن القادة الأفارقة هم الذين حضروا فقط. كان المسؤولون الوحيدون الذين حضروا من الدول الغنية، التي ازدهرت على مدى قرنين تقريباً على حساب كوكب الأرض، هم كريسولا زاكاروبولو، وزيرة التنمية الفرنسية، وفرانس تيمرمانز، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون المناخ.

حتى «مارك روت»، رئيس وزراء هولندا، الدولة التي تستضيف الاجتماع، لم يحضر إلا لالتقاط الصور التذكارية. كان اجتماع روتردام، الذي تدعمه الأمم المتحدة، يهدف إلى تمهيد الطريق للجولة القادمة من محادثات المناخ الدولية، المعروفة باسم «كوب27» (أو COP27)، والتي ستعقد في مصر الشهر المقبل. من المقرر أن تركز مفاوضات هذا العام، والتي تستضيفها دولة أفريقية، على مطالب الدول النامية - التي ساهمت بقدر ضئيل في الانبعاثات التاريخية للغازات المسببة للاحتباس الحراري - لتقديم التمويل لمساعدتها على التعامل مع تفاقم العواصف والجفاف والفيضانات.

ومع ذلك، إذا كان هذا التمهيد يعني شيئاً، فهو يشير إلى عرض الهوة الآخذة في الاتساع في نهج السياسة. قال باتريك فيركوين، الرئيس التنفيذي للمركز العالمي للتكيف ومقره هولندا، وهي منظمة دولية تركز على الحلول المناخية: «لقد دعا الرئيس ماكي سال جميع نظرائه الغربيين، لكنهم لم يأتوا إلى هذا الاجتماع». وأضاف: «سيكون (كوب27) كارثة إذا لم يتم تمويل التكيف». أدت موجات الحر غير المسبوقة التي اجتاحت كوكب الأرض هذا العام، إلى جانب ذوبان الأنهار الجليدية وتفاقم الفيضانات والعواصف، إلى زيادة مطالب الدول النامية بالتعويضات.

على الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق، فإن القضية الخلافية المتمثلة في إجبار الدول الغنية على تعويض الدول الفقيرة عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاحتباس الحراري، ستكون على الأرجح، ولأول مرة، على جدول الأعمال الرسمي لمؤتمر «كوب27». إن تمويل التكيف مع التحديات المناخية أقل إثارة للجدل - فهو يركز بشكل أكبر على مساعدة البلدان الفقيرة على حماية بنيتها التحتية والناس من تغير المناخ. الفكرة هي أنه كلما استثمرت أكثر في التخفيف والتكيف، كلما قلت الخسائر والأضرار في المقام الأول.

ومع ذلك، فإن أفريقيا، التي ربما تكون في أمسّ الحاجة إلى هذا التمويل أكثر من أي مكان آخر، لا تحصل على أي شيء. تعد القارة أقل البلدان نمواً في العالم وتنتج 4% فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، ولكنها تعاني بعضاً من أسوأ عواقب الطقس المتطرف على نحو متزايد. شهدت نيجيريا وتشاد فيضانات أودت بحياة مئات الأشخاص، لكن الكارثتين بالكاد احتلتا عناوين الصحف في الوقت الذي هيمن فيه قطع صادرات الغاز إلى أوروبا على التغطية.

ومن ناحية أخرى، يشهد القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً، مما يهدد الملايين من الفئات الضعيفة بالجوع. كما تعرضت مدغشقر وموزمبيق لسلسلة من الأعاصير وقتل أكثر من 400 شخص عندما غمرت السيول مدينة ديربان بجنوب أفريقيا. على عكس أوروبا والولايات المتحدة، فإن الدول الأفريقية لديها القليل من الموارد للحماية من مثل هذه الكوارث أو التعامل معها.

طور المركز العالمي للتكيف «فيركويجين»، جنباً إلى جنب مع بنك التنمية الأفريقي، برنامج تسريع التكيف في أفريقيا، في محاولة للحصول على تمويل بقيمة 25 مليار دولار يُخصص للبرامج التي من شأنها أن تساعد في دعم القارة من خلال بناء طرق وجسور أقوى وحواجز ضد ارتفاع سطح البحار.

كما سيتم إنفاق الأموال على إنشاء أنظمة الري ومرافق التنبؤ بالطقس لمساعدة المزارعين على مواجهة حالات الجفاف المتكررة. حتى مبلغ الـ 25 مليار دولار - الذي تكافح الدول الأفريقية لتأمينه - هو جزء بسيط مما هو مطلوب. تخضع الحكومات بانتظام لمساهمات التنمية الوطنية المحدثة للأمم المتحدة، حيث توضح ما تريد القيام به لمكافحة تغير المناخ. تُظهر المساهمات المحددة وطنياً لـ51 دولة أفريقية مجتمعةً حاجتها إلى استثمارات بقيمة 579 مليار دولار في مشاريع التكيف حتى عام 2030، وفقاً للمركز العالمي للتكيف.

وأضاف أن القارة تلقت متوسطاً ​​سنوياً قدره 11.4 مليار دولار لتمويل التكيف بين عامي 2011 و2020. كل ذلك يقل كثيراً عن تمويل بقيمة 100 مليار دولار سنوياً، والذي تعهدت الدول الغنية بتقديمه لتمويل التكيف مع المناخ والطاقة النظيفة في البلدان الفقيرة في العقد حتى عام 2020.

ولم يتم تحقيق الهدف، منذ تمديده، على الإطلاق. وقد ذهب التمويل الذي تم توفيره في الغالب نحو مشاريع التخفيف، مثل بناء محطات الطاقة المتجددة، وهي مهمة، ولكن ربما لا تمثل الأولوية القصوى نظراً للمساهمة الضئيلة للقارة في انبعاثات الكربون العالمية. بينما تم التعهد في (COP26) العام الماضي في جلاسكو بمضاعفة تمويل التكيف إلى 40 مليار دولار سنوياً حتى عام 2025، فقد انحرف الاقتصاد العالمي عن مساره بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، مما أدى إلى قلب أسواق الطاقة والحبوب العالمية وتحويل الانتباه بعيداً عن المناخ. لم يقتصر الأمر على عدم وصول التمويل الموعود، ولكن الدول الأوروبية التي تعتمد على روسيا للغاز أعادت تشغيل محطات تعمل بالفحم والطاقة النووية لتجنب أزمة الطاقة في فصل الشتاء، وضغطت، هي والولايات المتحدة، على الحلفاء المنتجين للنفط لزيادة الإمدادات، أضيفت هذه التطورات إلى إحباطات القارة الأفريقية من سياسات المناخ الدولية.

وبينما تفشل أغنى دول العالم في الوفاء بالتزاماتها الخاصة بأهداف التمويل والانبعاثات، فإنها تضغط على الدول الأفريقية لعدم تطوير مواردها الطبيعية للحفاظ على الموائل الطبيعية وتجنب الاحترار في المستقبل.

أنتوني سجوازين

* صحفي بارز لدى «بلومبيرج»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست سينديكيت»