استباقاً ليومٍ مجيد من أيامنا، وإذ تلج دولة الإمارات في مرحلة «الانطلاق» من تنميتها الشاملة في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تعهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في 28 أكتوبر بأن يبقى العلم «رمز عزتنا ووحدتنا» «خفاقاً»، وأنْ تظل «راية عزنا ومجدنا وسيادتنا عالية». ولعمرك بو راشد أنّ الاحتفال بيوم العلَم هو احتفالٌ بالتجربة الاتحادية الرائدة الملهمة في العالم العربي، التي تُقدم مثالاً تنموياً فريداً مزدهر اقتصادياً، وواحة استقرار وسط إقليم مضطرب، وأنموذجاً مبتكراً في المزاوجة بين الأصالة والحداثة. ومن ثم، ليس غريباً أنْ يصبح النموذج الإماراتي نفسه ملهِماً للدول والشعوب الأخرى.

يتسم النموذج الاتحادي الإماراتي بخصائص عدة، يمكن الاستفادة منها في تطبيق أو تفعيل التجارب الاتحادية في العالم العربي، أهمها المرونة، بمعنى إعطاء مساحة كبيرة من الحرية للحكومات المحلية تمكنها من التركيز على القضايا التي تهم نطاقها المحلي، والتوازن في الصلاحيات بين المستوى الاتحادي ونظيره المحلي، والتنمية المتوازنة في جميع مناطق الدولة. ويتصل بذلك خصيصة أخرى تتعلق بإيمان الآباء المؤسسين، والجيل الثاني من بعدهم، بأنّ الحفاظ على الاتحاد يأتي من خلال إعمال قواعد الحُكم الجيد «الرشيد»، وتحقيق التنمية المستدامة، والنوايا الحسنة لقادة الوحدات المكونة له، ومحاربة الفساد. والأهم من ذلك أنّ «تجربة الإمارات تكاد تكون التجربة الاتحادية الوحيدة، التي تمت من دون قطرة دم واحدة».

وأخيراً، وليس آخراً، تطرح تجربتنا الاتحادية نموذجاً للتنوع الثقافي والتسامح الإنساني. وقد سلطّت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان توقيع اتفاقية الأخوة الإنسانية، في فبراير 2019، بحضور شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر د. أحمد الطيب وبابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس، سلطت الأضواء على نموذج التنوع الثقافي والتسامح الإنساني في الدولة. فقد نجحت دولة الإمارات في بناء نموذج من التنوع الثقافي والتعايش السلمي بين الأعراق والحضارات المختلفة، وهو نموذج أصيل يجد أصوله في الحضارة الإسلامية التي تحتفي بتنوع الملل والنحل والشعوب في إطارها، ويحفل بجهودٍ جبارة للتوفيق بين مساهمات الثقافات الكبرى في العالم.

ويعيش على أرض الدولة أتباع لمعظم الديانات السماوية ومختلف ثقافات العالم من خلال أكثر من مائتي جنسية، وتُعد مدنها الرئيسة، ولا سيما أبوظبي ودبي، ملتقى ثقافات العالم وحوار حضاراته. وفي هذا الخصوص، لا بد أنْ نُشير إلى إصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية، وجهود وزارة التسامح في جعل التسامح خصيصة تسم عالم الأشخاص والمؤسسات والأحداث في الدولة.

وبهذا المعنى، يطرح النموذج الإماراتي تفنيداً عملياً لأطروحة صدام الحضارات/الثقافات، ويحمل توجهاً تكاملياً في التفاعل بين حضارات وثقافات العالم يقوم على الحوار ونبذ التعصب والكراهية والتسامح الإنساني، وتتطلع دولة الإمارات إلى أنْ تكون قطباً لتلاقح الثقافات في الشرق والغرب. وثمة تعاون بين الإمارات والأزهر الشريف والكرسي الرسولي لترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام التنوع الثقافي ومكافحة التطرف إقليمياً ودولياً.

*خبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية