أضحت دولة الإمارات العربية المتحدة مثالًا واضحًا على العزيمة والإصرار وتحدّي المستحيل، وذلك من خلال ريادتها الإقليمية والعربية والعالمية في شتّى القطاعات، ولاسيّما قطاع الفضاء، فمنذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقيادة الرشيدة التي سارت على نهجه بأنه لا شيء مستحيل، وبكوادر وقدرات أبناء الوطن يمكن تجاوز الصعاب وتحقيق الإنجازات، والتحول من دولة مصدَر اقتصادها البترول إلى دولة معرفية تغزو عالَمَ الفضاء الواسع وتستكشف القمرَ. 
وفي هذا السياق، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء أن موعد إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، الذي يعدّ أول مهمة إماراتية وعربية إلى سطح القمر، في 28 نوفمبر الحالي، ويقدّم اكتشافات جديدة بشأن منطقة «ماري فريغوريس» الواقعة أقصى شمال القمر، وسيقوم المستكشف «راشد» بدراسة خصائص التربة وجيولوجيا القمر وحركة الغبار والبلازما والغلاف الكهروضوئي، ما يجعل المستكشف «راشد» من أكثر المهمّات الفضائية ترقّبًا، لأنه يغطي أماكن لم يسبق استكشافها من قِبل أيٍّ من المركبات الفضائية، أو حتى المهمات المأهولة السابقة. 
وتُعدّ الخطوات التي تتخذها دولة الإمارات تجاه تعزيز مكانتها في قطاع الفضاء ناجحة للغاية، ولاسيّما أنها تتم على أسس علمية مدروسة، ولذا أطلقت وكالة الإمارات للفضاء على هامش مشاركتها في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ «كوب 27»، الذي استضافته جمهورية مصر العربية في مدينة «شرم الشيخ»، «مجمع البيانات الفضائية»، المنصّة الرقمية التي تهدف إلى جمع وتوفير البيانات الفضائية للعلماء والباحثين والمؤسّسات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة وأفراد المجتمع.
ويهدف «مجمع البيانات الفضائية» إلى إيجاد حلول لمواجهة التحدّيات الوطنية والعالمية، وتوفير منظومة ابتكارية لبيانات وتقنيات الفضاء، فضلًا عن زيادة عدد الشركات الفضائية وبراءات الاختراع، واستقطاب أفضل المبتكرين، ورفع نسبة الإنتاج البحثي العلمي، ما قد يسهم في مسيرة النمو والتطور والمعرفة بالدولة. 
إن واقع ومستقبل قطاع الفضاء في دولة الإمارات يبشّر بإنجازات باهرة ومنقطعة النظير لما تحمله الدولة من تصميم لتحقيق رؤيتها الرامية إلى تصدّر العالَم في هذا القطاع، وامتلاك ما يكفي من الكوادر الوطنية والعربية القادرة على الابتكار في مجالات علوم الفضاء، بما يعود بالنفع على الأمم كافة، لأن الطريقة الوحيدة من أجل الاستفادة من تطور التكنولوجيا هو أن نستطيع إنتاجها بأنفسنا، أو على الأقل نكون مشاركين في إنتاجها، ولا نكون بعيدين عنها أو مستبعَدين منها.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية