بينما يركز تجار السلع الزراعية اهتمامهم على أميركا الجنوبية، هطلت الأمطار أخيراً في الأرجنتين خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وبدأ مزارعو فول الصويا في محاولة لاستعادة نشاط الجرارات لتعويض وقت الزراعة الضائع. ومع انتهاء محاصيل فول الصويا والذرة في الولايات المتحدة، يتطلع العالَم الآن إلى الأرجنتين والبرازيل لمعرفة ما إذا كان بإمكانهما إنتاج محاصيل كافية للمساعدة في تخفيف غلاء أسعار الغذاء العالمية.

كانت الأرجنتين أكبر مصدر في العالم لطحين الصويا وزيت الصويا، لكنها شهدت موجةَ جفاف شرسة تغذيها ظاهرة النينو أو التذبذب الجنوبي (وهي تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة يشهده المحيط الهادئ). وقال المحللون في أكبر بورصتين للحبوب في البلاد، إن المزارعين الذين لم يتمكنوا من زراعة البذور في الحقول القاحلة يسارعون الآن لزراعة حقولهم.

وقال كريستيان روسو، رئيس تقديرات المحاصيل في مجلس روزاريو للتجارة: «سيكون هناك قدر هائل من العمل في الحقول هذا الأسبوع، إذ سيحقق موسم الزراعة هذا تقدماً مع كل عاصفة ممطرة». وأوضح مارتن لوبيز، رئيس تقديرات المحاصيل في بورصة الحبوب في بوينس آيرس، أن الأمطار التي هطلت على بامباس (حزام المحاصيل في الأرجنتين) كانت كافية لتحفيز الزراعة لمدة أسبوعين.

ويأتي هطول الأمطار في الوقت المثالي، حيث إنه يهدئ المخاوف من أن قدراً كبيراً من محصول فول الصويا الأرجنتيني قد تتم زراعته بعد مواعيد الزراعة المثلى، أو حتى لا تتم زراعته على الإطلاق. ولكن ستكون هناك حاجة لمزيد من الأمطار في شهري يناير وفبراير عندما تكون النباتات في مراحل النمو المتعطشة إلى الماء، والتي تحدد حجم المحصول. بيد أن هذا ليس أمراً مؤكداً.

فبينما كان من المتوقع أن تتلاشى ظاهرة النينو في مطلع العام، قال روسو، إن أحدث النماذج المناخية تشير إلى أنها قد تظل قوية طوال الربع الأول من عام 2023. ومع ذلك، فإن التقدم في الزراعة خلال بقية الشهر، جنباً إلى جنب مع توقعات هطول الأمطار في البرازيل المجاورة، والتي ستعزز محاصيل فول الصويا والذرة هناك، يوقد الأمل في أن يخف الضغط على تضخم الغذاء العالمي. وتساهم البرازيل في المحاصيل التي تستخدم في إعداد وجبات الإفطار أكثر من أي دولة أخرى، فهي أكبر مورد عالمي لفول الصويا والقهوة والسكر وعصير البرتقال غير المعالج، علاوة على كونها ثاني أكبر مورد للذرة.

ومن المتوقع أن تروي الأمطار المتقطعة معظم منطقة المحاصيل المركزية في البرازيل هذا الأسبوع، مما يحافظ على صحة محاصيل فول الصويا والذرة، في حين أن المنطقة الجنوبية، الأكثر عرضة لتأثيرات ظاهرة النينو، ستكون جافة في الغالب، مما يشكل خطراً على الزراعة والإنبات، بحسب ما ذكر ماركو أنطونيو دوس سانتوس، عالم الأرصاد الجوية في مؤسسة «رورال كيلما» (المناخ الريفي). وقد بلغ معدل زراعة فول الصويا في البرازيل، في 10 نوفمبر الجاري، نسبة 69% مقابل 78% العام الماضي. وفي الأرجنتين، كان المعدل أقل من 9% مقابل 17% العام الماضي.

جوناثان جيلبرت وتارسو فيلوسو*

*صحفيان لدى «بلومبيرج»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست سينديكيت»