مرة أخرى تسقط جمهورية الكونغو الديمقراطية في أعمال العنف. الطبيب دينيس موكويغي، الحائز على جائزة نوبل للسلام 2018، دعا إلى إنهاء الأعمال القتالية، ولكنه دعا إلى تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته إزاء هذا النزاع الذي لا ينتهي. 
حركة «إم 23» المتمردة باتت تهدِّد مدينة «غوما»، عاصمة مقاطعة كيفو الشمالية. هذه المنطقة الغنية للغاية من الكونغو تزخر بالثروات المعدنية، وبالتالي، فإن إمكانات اغتنائه كبيرة، لكن الكوارث الجيوسياسية المتعددة تجعل منه بلداً فقيراً للغاية، وواحداً من أسوأ البلدان من حيث مؤشرات التنمية البشرية. 
حركة «إم 23» هذه (التي تشكِّل مجموعة التوتسي الإثنية أغلبيتها) تهدِّد مدينة «غوما» الآن. هذه الأخيرة حركة داخلية توجد في الكونغو، ولكن سلطات جمهورية الكونغو الديمقراطية تتهم دولا مجاورة بدعمها سراً من أجل نهب ثروات جمهورية الكونغو الديمقراطية وتصديرها إلى الخارج. 
وكان موبوتو سيسي سيكو، الذي كان نظامه مفتقراً للكفاءة، أُطيح به من قبل لورون كابيلا، الذي استلم السلطة في كينشاسا. وبعد اغتياله، استلم ابنه جوزيف كابيلا السلطة، ولكن النظام الجديد لم ينشئ إدارة سليمة للبلاد. وهكذا، عانت جمهورية الكونغو الديمقراطية دائماً من نهب ثرواتها من قبل بلدان أجنبية.
في سنة 2019، لم يستطع كابيلا الترشح للانتخابات. وانتُخب فيليكس تشيسكيدي، معارضه السابق والذي التحق بالنظام لاحقاً، رئيساً للبلاد بطريقة طُعن في شرعيتها. ولكن شيئاً فشيئاً، شرع تشيسكيدي في أخذ مسافة من جماعة كابيلا وحاول استعادة سلطة جمهورية الكونغو الديمقراطية. 
غير أن البلد ضعيف وهش للغاية، وخاصة الجيش، الذي يتعرض لهجمات «إم 23» التي سبق لها أن استولت على مدينة غوما قبل 10 سنوات. ولكن إزاء تقدم حركة «إم 23»، والتي اعترف أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها مسلحة تسليحاً جيداً جداً، اضطر سكانها الـ200 ألف نسمة لمغادرة المنطقة فراراً من أعمال العنف. 
منظمة الفرانكفونية عُقدت قمتها مؤخراً في تونس. وتُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية البلد الأكبر سكانياً في المنظمة. وقد كان بالإمكان إدراج الموضوع الكونغولي ضمن جدول أعمال القمة، لم لم يحدث ذلك.
من جانبها، تحضر الصين في جمهورية الكونغو الديمقراطية بقوة، ذلك أنها مهتمة جداً بمناجم المواد الأولية التي يزخر بها هذا البلد، وقد قعت معه عقوداً تصب في مصلحتها. ولكنها لا تعارض رواندا وأوغندا بشكل مباشر. 
وفي الأثناء، تبدو مهمة «المونسوسكو»، وهي قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتي تُعد الأهم من نوعها في العالم (17 ألف رجل)، تبدو عاجزةً تماماً إزاء العصابات المسلحة منذ عامين. 
وعليه، فإن سكان جمهورية الكونغو الديمقراطية هم ضحايا لإهمال القادة المتعاقبين، وسياسات بعض بلدان الجوار، وربما لامبالاة المجتمع الدولي أيضاً. ولكن، هل يعرف هذا البلد أخيراً التنمية التي يستحقها؟ فهو أقل تنمية اليوم مما كان عليه خلال استقلاله. الواقع أن جمهورية الكونغو الديمقراطية هي المثال النموذجي لبلد يعيش «لعنة الموارد» أو «لعنة المواد الأولية» بسبب الفساد والعصابات المسلحة التي تقتات على نهب هذه المواد الأولية، ولهذا يعيش الكونغو العنف ويتخبط فيه.