ما زال الغربيون ينظرون إلى المجتمعات العربية على أنها عاجزة وغير قادرة على أن تنجز مشروعاً أو تحقق جديداً يروق لها ويخدم مصالحها المحلية، كأي مجتمع يبني ويطور نفسَه ويحقق النافع والفائدة له ولغيره. وكلما تميزت عاصمة عربية بشيء من التألق والعطاء والتطور، قامت عليها الدنيا ولم تقعد من قبل الإعلام الغربي، فأخذ يطلق عليها سهامه وأكاذيبه وافتراءاته، متهماً إياها بالتخلف والقصور وعدم القدرة على إدارة أي مشروع أو مهرجان أو إنشاء منجَز صناعي وتقني كبير ومفيد.. بل يستكثرون على هذه المجتمعات حتى السعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء.
وحين نهضت القاهرة وأصبحت تفرض نفسها على عواصم القرار الدولي، شن عليها الإعلام الغربي حملاته المعروفة، وكذلك فعل مع بغداد وبيروت ودمشق.. حين أرادت النهوض في أي مجال، أكان سياسياً أم اقتصادياً أم ثقافياً.
وعندما تطورت بعض دول الخليج العربية، بعد أن استثمرت مواردها من أجل النهوض بمجتمعاتها وتنمية عمرانها البشري في مجالات التعليم والصحة والبناء وجلب السياحة والاستثمار.. وأصبحت تضاهي بلدان العالم الصناعي في الازدهار والرخاء والتطور.. نالها هي أيضاً ما نالها من سهام الإعلام الغربي، وأصبحت هدفاً لحملات مغرضة وهجمات ظالمة. 

إنه إعلام غير موضوعي وغير منصف، لا يرى الأمور إلا بعين واحدة إذا ما تناول نجاحات العرب أو تطرق للقضايا التي لها علاقة بالعرب.
ولا يفوت على أحد كيف أن ذلك الإعلام الغربي يفرح ويتشفى ما أن تكبو عاصمة عربية أو تتعرض لواحدة من عثرات الطريق الكثيرة في تاريخ الدول والشعوب ككل. عندها يشيرون إلى العرب، ويقولون بتنقيص واضح: هؤلاء أصحاب الخيم والإبل والصحراء، لا يتقنون صناعةَ الحرية والديمقراطية والنهضة والعمران والتطور، ولا يجيدون هندسةَ الأحداث وبناء البلدان لوحدهم!
وحين يختبر التاريخ بلدان ذلك الإعلام الذي طالما ادعى أنها الأفضل والأكمل، بأزمات صحية واقتصادية وكوارث طبيعية، نجد أنهم يعجزون حتى عن إيواء واحتواء ومعالجة وحماية مواطنيهم.. خاصة بسبب الحروب والأوبئة والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية الناتجة في الغالب عن أسباب من فعل أيديهم! 

وبالطبع لم يكن متوقعاً من تلك الدول أن تكون لديها عصى سحرية لحماية شعوبها، خلافاً للتوقعات التي طالما حاول الإعلامُ تمريرَها والإيحاء بها، متبجحاً بالديمقراطية كما لو أنها الحل السحري الذي ينهي جميع المشكلات ويحل سائر الأزمات.. لكن ها هي الديمقراطية الغربية أيضاً أصبحت موضع اتهامات كثيرة أفقدتها مصداقيتَها وبيّنت ما فيها من اختلالات وعيوب على نحو جعل منها مجرد خدعة سياسية لا أكثر!
وفي ظل الحروب القائمة والأوبئة العالمية والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية.. انكشف ضعف «الأنظمة الديمقراطية»، والتي كان الجميع مبهورين بما تملكه من قدرة على إدارة أي أزمات مفاجئة.. مما جعلهم يعيدون قراء التاريخ ويغيرون نظرتهم إلى الواقع، ليَرَوا ما آلت إليه الكرة الأرضية بسبب ما يحدث من كوارث متعددة وأزمات متلاحقة، لا يبدو أنهم أعدوا أنفسهم لمواجهتها وقد أصبحت حدثاً داهماً يفوق قدرةَ الكثيرين على التصدي له!

*كاتب سعودي