يتماهى عنصر الزمن في حالتي الاقتصاد والسياسة، وتُعرف تلك الحاكمية «قيمة الفرصة Opportunity Cost» وذلك تحديداً ما عبرت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أرسولا فون دير لاين خلال ملتقى حوار المنامة في نسخته الثامنة عشرة «النقطة الأخيرة، أمن النظام الدولي، ففي يناير الماضي، أي قبل شهر واحد من غزو أوكرانيا تعرض مدنيون في أبوظبي لاعتداء بمسيرات من طراز «شاهد-136» أطلقت من اليمن. وقبل أيام تعرضت الناقلة «باسيفيك زركون» لاعتداء بمثل تلك المسيرات خارج المياه العُمانية، والآن نفس هذه المسيرات تستخدم من قبل روسيا في الاعتداء على مدن أوروبية.

قبل سنوات حُذرنا من قبل عدة دول خليجية من مغبة ما تمثله مثل تلك الأسلحة بيد دول وقوى مارقة، وأنه يتوجب على الاتحاد الأوروبي إقران أنشطة إيران النووية بسلوكها الإقليمي ضمن حزمة الملفات قيد النظر من المجتمع الدولي وعدم الاكتفاء بالملف النووي، للأسف استغرقنا الوصول لهذه الحقيقة البسيطة زمناً طويلاً»، انتهى الاقتباس.

ما ذهبت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية خلال الجلسة المفتوحة مع المندوبين من خلال الإجابة على أسئلتهم، هي أبعاد عدة لتطوير العلاقات الأوروبية الخليجية من منظور الاتحاد ويمكن تلخيصها في التالي: العلاقات السياسية عبر تعيين مبعوث خاص لدى مجلس التعاون، أمن الطاقة من خلال تعزيز الشراكات القائمة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة ووسائطها.

أما ما يتعلق بالأمن المتكافل أو المشترك، فقد دعت لمراجعة تاريخ تلك العلاقة والشروع في تطوير مفاهيم أكثر مواءمة والتحديات الراهنة والمستقبلية، وخصوصاً أمن الملاحة الدولية والتعاون في مجالي الحد من انتشار الأسلحة المهددة لاستقرار النظام الدولي، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل.

الدبلوماسية الأوروبية هي ضحية طول استكانتها للدبلوماسية التقليدية، وكذلك آليات صنع القرار السياسي، ففي حين رحب الجميع بقرار تعيين مبعوث خاص لدى مجلس التعاون، نجد أن الاختيار قد وقع على شخصية لا تمتلك خبرة أو تاريخاً شخصياً يؤهلها لمثل ذلك المنصب. بل إنه وبحسب جريدة «ليموند» الفرنسية (عددها الصادر بتاريخ 21 نوفمبر الجاري) بأن «السيد دي مايو، وزير الخارجية الإيطالي الأسبق لم يرشح للمنصب من قبل الائتلاف الحاكم في إيطاليا».

وهو شخصية لم يسجل لها من النجاحات الإيطالية أو الأوروبية وحتى الدولية أي إنجاز، والأدهى من ذلك هو انتماؤه لحزب مُشكك في جدوى الوحدة الأوروبية. يقول صديقي الأميركي: «الديمقراطية عملية فوضوية Democracy Is A Messy Business» ويشهد ترشيح السيد دي مايو على ذلك، فللتوازنات داخل البرلمان الأوروبي أوزانها، وهي للأسف التي لطالما أتت بخيارات غير متناسبة والملفات المنظورة أمامه. وإن كنا في انتظار ترجمة عملية لتعهدات السيدة فون دير لاين، فسوف يتعين عليها أولاً إعادة تقييم قيمة ما سوف يهدر من فرص مستقبلاً في حال أصر الاتحاد للاحتكام في قراراته على التوازنات الخاصة على حساب مصالح دوله وشركائها الاستراتيجيين.

*كاتب بحريني