على الرغم من المحاولات الغربية المتعددة لإفشال استضافة دولة قطر مونديال كرة القدم، وهو التظاهرة الأضخم من نوعها في العالم، وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لها من ناحية اقتصادية، فإن قطر سوف تحقق بعض الأرقام المهمة على الصعيد الاقتصادي نفسه من ورائها استضافة المونديال، إذ من المتوقع أن تساهم الفعالية الكروية في تعزيز ودعم المركز الاقتصادي والمالي لدولة قطر، وذلك في أكثر من اتجاه، مما يسهم في تعزيز موقعها كمركز لوجيستي واقتصادي ورياضي، ويضيف بعداً جديداً لنجاحها في التنظيم والإدارة والاستضافة.

ولعل الأهم من ذلك أن هذه الفعالية قدّمت الدولَ العربية والخليجية بشكل مغاير لما اعتاد العالَمُ أن ينظر إليها من خلاله. وها قد بدأ مونديال 2022 يغير تلك النظرة بفضل الرؤية الصائبة والعزيمة القوية لدى الدولة المستضيفة، وكذلك من خلال الرغبة الصادقة أيضاً لدى الدول الخليجية في إنجاح المونديال وإعطاء المنطقة مكانتَها العالمية التي كانت أشبه بالحلم وها هو قد تحقق.

ونتيجة للعزم والمثابرة والجهود التي بُذلت على مدى سنوات، تم اختيار دولة قطر لتنظيم كأس العالَم 2022، وسط دول كبرى ذات خبرة ومهارة في التنظيم والاستضافة، فبدأ الحلم كبيراً وتحقق النجاح في تذليل الصعاب وتفكيك المشكلات. وبذلك قدّمت قطر نموذجاً للدول الطامحة للنجاح في امتحانات صعبة من نوع تنظيم واستضافة المونديال. لقد أصبح الحلُم حقيقةً في خضم الواقع بمجرد البدء بمراسم وفعاليات هذا المونديال، فكانت مراسم الاحتفال نجاحاً آخر يضاهي في قيمته الإعلان عن اختيار قطر لتنظيم كأس العام، حيث قدّمت قطر احتفالاً تاريخياً من خلال الإبهار في الأسلوب والمحتوى والاستفادة القصوى من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. وكل ذلك مختلط بنكهة الأصالة مع رغبة في إبراز تقاليد منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربية للعالم أجمع.

لقد ألقى المونديال الضوء على هذه المنطقة وربما يغيّر الكثير من النظرات والرؤى بشأنها وبشأن مجتمعاتها العربية، مما يمنحها موقعاً إضافياً على خريطة الرياضة الكروية العالمية. وربما يتوجب التوقف بشكل مميز عند التجربة القطرية في هذا الصدد، لإعادة تقييم ما تحقق خلال هذا الأيام التي من شأنها أن تغير مستقبلاً بعض الأفكار حول منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ككل.

*كاتب كويتي