يأتي الاحتفال بـ «عيد الاتحاد الـ 51» لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذا العام في سياقٍ سياسي يفتح الآفاق لانطلاقة جديدة نحو الريادة في ظل قيادتنا الرشيدة وشعبنا الواعي، بما يعزز من مكانة دولتنا في الإقليم وفي العالم، وفي سياق اقتصادي يؤكد استمرار مسيرة التنمية المستدامة بوتيرةٍ متسارعةٍ ومنهجٍ علمي، وفي سياقٍ اجتماعي يعكس روحاً فريدة للتسامح الإنساني والسياسي، ينفرد بها الإماراتيون عن غيرهم، ويجعل دولة الإمارات العربية المتحدة قِبلةً لكل الشعوب، وكلها أمورٌ تتلاقى وتتفاعل مع هذا اليوم العظيم في تحقيق الهدف الأسمى، والمتمثل في مواصلة تحقيق ريادةٍ عالمية للإمارات على المسرح السياسي الدولي، من حيث الأدوات والأدوار، وذلك بحكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات. 
في بداية مقالي، يسرني أن أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى، حكام الإمارات، وإلى شعب دولة الإمارات، مواطنيها ومقيميها، بمناسبة عيد الاتحاد الحادي والخمسين، لقيام اتحادنا الإماراتي، متمنياً للجميع التوفيق والسداد لما فيه عزة وفخر لوطننا، وتنمية دولتنا في مختلف القطاعات، لتظل النموذج الأنجح في العالم دائماً، وتحقق طموح شعبنا وأمتنا العربية في عالم أفضل أكثر عدلاً وتسامحاً وتعاوناً ومحبةً وأُخوة إنسانية. 
داعم للتنمية 
إن عيد الاتحاد لدولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر من كل عام، على مدار الفترة الممتدة من 1971 إلى الآن، يمثّل دائماً قوة دفع وطنية لقيادتنا الرشيدة وشعبنا الواعي للعمل سوياً بـ «روح الاتحاد» لتحقيق إنجازات كبيرة ومستدامة سنوياً، تُسهم بفعل التراكمية في إحداث نقلات تنموية نوعية على صعيد بناء الإنسان والكيان، وتضمن ترتيباً أعلى لدولتنا في معظم مقاييس المؤشرات العالمية، وتحافظ على مكانتها، وتزيد من هيبتها، وتنعكس بالإيجاب على أدوات القوة الناعمة لدولتنا، وتعزز باستمرار من الصورة الحسنة لشعبنا في الخارج، وتُعزز الإعجاب والتقدير الكبيرين اللذين تحظى بهما قيادتنا الرشيدة في جميع دوائر التحليل السياسي والاقتصادي الإقليمية والدولية.
نحتفل في هذا اليوم العظيم بعقود من الإنجاز، خاصةً إنجازات عام 2022م، كما نحتفل بمسيرة حافلة بالعمل الوطني المخلص الدؤوب لرفعة هذا الوطن وإعلاء رايته خفَّاقة بين الأمم والدفاع عن أرضه ومكتسباته، ففي عام 2022 حققت دولتنا، المركز الأول عالمياً في 156 مؤشراً تنموياً، منها جذب المواهب والبنية التحتية ومرونة القوانين والقدرة على التكيف، وجاءت دولتنا في المركز الأول إقليمياً والـ 12 عالمياً في مؤشر الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، والمركز الأول إقليمياً والـ 25 عالمياً في مؤشر تقرير تنافسية السياحة، والمركز الأول عربياً والـ 26 عالمياً في مؤشر تقرير التنمية البشرية، والمركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير البنك الدولي المعنون بـ «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021 - 2022».
ينفرد احتفال شعبنا بـ «عيد الاتحاد الـ 51» بميزة كبيرة مقارنةً بالأعوام الخمسين السابقة، تتمثل في أنه أول احتفال بهذا اليوم العظيم في وطننا العزيز ودولتنا الحبيبة بعد تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئاسة الدولة، وهو ما يفسر فرحتنا الأكبر والزخم الشعبي غير المسبوق في احتفالنا هذا العام، بالإضافة إلى تزايد معدل ثقة شعبنا بأن القادم أجمل وأفضل، ويأتي هذا كله من إدراك شعبنا بكل فئاته، أن قوة الدفع الوطنية هذه المرة، والتي ستدفع في اتجاه تحقيق إنجازات كبيرة في عام 2023 ستُمثل «النواة الصلبة» لتدشين إنجاز بناء دولتنا مع حلول المئوية الأولى، دولة قوية متنوعة الموارد، قائمة على اقتصاد المعرفة (المعتمد على التكنولوجيا والابتكار والذكاء الصناعي)، والوصول إلى إمارات عصر ما بعد النفط في عام 2071. 


تأكيد الولاء للقيادة الرشيدة والوفاء لآبائنا المؤسسين
في «عيد الاتحاد»، نتذكر -نحن الإماراتيين- المواقف المشرفة والأحداث العظيمة في تاريخ دولتنا العريق، خاصةً الحدث الأعظم المتمثل في اتفاق آبائنا المؤسسين، بمبادرة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- في الثاني من ديسمبر 1971 على تأسيس دولة الاتحاد، ونؤكد عهد الانتماء لوطننا الأبيّ والولاء لقيادتنا الرشيدة لمواصلة مسيرة كتابة المجد السياسي للدولة، بمواقف عظيمة وإنجازات متصلة وسياسات فاعلة متزنة على المستويين الداخلي والخارجي، لتبقى دولتنا دائماً واحةً للتسامح ومنارةً للسلام، وقِبلةً للتعايش السلمي، ووجهة سياحية ذهنية لكل من يرغب في الوقوف على أسرار تفوق شعبنا العريق في حلبة المنافسة الاقتصادية العالمية، وكذلك أسرار نجاح شعبنا من خلال تلاحمه مع قيادتنا الرشيدة في بناء نموذج الدولة الناجحة الملهمة للآخرين بتجاربها الرائدة في مواكبة التغيرات وإطلاق المبادرات وسلامة السياسات، بالإضافة إلى تعزيز مساهمات دولتنا في حل المشاكل وتسوية الأزمات الدولية، وهي مسيرة ممتدة منذ وساطة «الأب المؤسس»، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- لتسوية أزمة لبنان خلال الحرب الأهلية، وأزمة غزو صدام حسين للكويت، إلى مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، للقيام بدور الوساطة لتسوية أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية. 
أيضاً، يتذكر شعبنا بكل فئاته في الاحتفال بذكرى «عيد الاتحاد» الآباء المؤسسين بالخير دائماً، لكونهم مصدر الإلهام السياسي في العمل الوطني، لقيادتنا الرشيدة ولشعبنا العظيم، ومن حق الآباء المؤسسين علينا -كمفكرين ومثقفين- أن نُذكِّر الأجيال، جيلاً تلو جيل، بأدوارهم الحاسمة مع «الأب المؤسس»، في وضع لبنة الكيان الذي يصنع المجد السياسي لدولتنا، وهؤلاء الآباء المحفورة أسماؤهم في الوجدان الجمعي للشعب الإماراتي بحروف من نور، هم، المغفور لهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي السابق، رحمه الله، والشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة السابق، رحمه الله، والشيخ راشد بن حميد النعيمي حاكم عجمان السابق، رحمه الله، والشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم إمارة أم القيوين السابق، رحمه الله، والشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة السابق، رحمه الله، والشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة السابق، رحمه الله.
ومن الملاحظ أن الشعب الإماراتي أصبح أكثر تفاؤلاً بفضل ثقته في قيادته الرشيدة بأن عام 2023، سوف يشهد -بحسب التوقعات والتقديرات- فعاليات وجهوداً أكبر على صعيد وضع مكونات خطة مئوية دولة الإمارات العربية المتحدة 2071، ما يسهم في تسريع معدلات تنفيذ «مشروع الخمسين عاماً القادمة للدولة»، ويأتي هذا التفاؤل من الاهتمام الكبير لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بهذا المشروع الاستراتيجي المهم، بالإضافة إلى ثقة مواطني دولتنا في قيادتنا الرشيدة، وهي ثقة في محلها على الدوام بحكم تجارب الحاضر والماضي. 
وتجدر الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد أطلق مشروع الخمسين في 28 سبتمبر 2020، وأعلن سموه في 6 يناير 2019، بعد نحو شهر من عيد الاتحاد الثامن والأربعين، وثيقة الخمسين لتحسين جودة الحياة في دبي، وذلك بتوجيهات المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان -رحمه الله-، ويُمثل هذان المشروعان حلماً كبيراً لوطننا، يتعلق الشعب به، ويحرص على تحقيقه ويسعى إلى تنفيذه، من منطلق وفاء الأجيال، مدفوعاً في ذلك بثقتنا التامة في القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتتسع احتفالات الدولة بـ «عيد الاتحاد» لتشمل الإمارات السبع، وتُشارك فيها قيادتنا الرشيدة وجميع المواطنين، بالبهجة والسعادة الغامرة، ودائماً ما تستمر كقوة دفع وطني لمزيد من البذل والعطاء والولاء والانتماء، ويُعد ذلك أحد أهم مميزات دولتنا، فهي تعيش دوماً يوماً وطنياً من حيث مواصلة ركب النهوض بالدولة لتحقيق حلم لم يغب لحظة عن أذهان قيادتنا وشعبنا ألا وهو دولة «القوة والقدرة والرغبة» للقيام بدور فاعل مركزي ومحوري على المستويين الإقليمي والدولي.
المبادرات والمشروعات الطموحة 
دائماً ما يقترن احتفالنا، قيادةً وشعباً، بـ «عيد الاتحاد» بإطلاق مبادرات طموحة للتنمية والتطوير في جميع المجالات، ما يؤكد أن هذا اليوم المجيد في تاريخ وطننا الأبيّ يُمثل بالفعل قوة دافعة للإنجاز، من باب الحقيقة وليس من باب المجاز. ففي كل عام، وبعد كل احتفال بهذا اليوم العظيم، تطرح الإمارات مبادرات وتسمي الأعوام بتسميات، يكشف بعضها عن التوجه السياسي والتنموي لدولتنا طوال العام، ويكشف بعضها الآخر عن ملامح الصبغة التنموية في بعض الإمارات، ففي عام 2013 أُطلقت «مبادرة الحكومة الذكية»، وأُعلن 2015 «عام الابتكار في الدولة»، و2016 «عام القراءة»، و2017 «عام الخير»، و2018 «عام زايد»، و2019 «عام التسامح»، وجرى الاحتفال في 2020 تحت شعار «عام الخمسين»، والذي أُعلن عاماً رسمياً في 6 أبريل 2021، واستمر حتى 31 مارس 2022. 
واستناداً إلى تلك المبادرات، عززت دولتنا من حضورها الفاعل في المحافل الدولية، ودعمت نجاح نموذجها النهضوي الفريد، وأصبحت دولتنا العظيمة عاصمة عالمية للتسامح، وحولت التسامح إلى عمل مؤسسي مستدام لتعميق قيم تقبل الآخر، والانفتاح على ثقافات الدول والشعوب الأخرى، وبادرت دولتنا بالتنسيق مع المجتمع الدولي لتحديد يوم دولي للأخوة الإنسانية، وأسهمت بأعمال خيرية كبيرة استفاد منها الملايين في مناطق عديدة بالعالم. 
وأؤكد هنا، أن احتفال شعبنا الإماراتي بعيد الاتحاد، يمثل لنا جميعاً مناسبة متجددة، نُعبِّر فيها عن حبنا وانتمائنا الجارف لوطننا المعطاء، ونجدد فيه العهد والولاء لقيادتنا الرشيدة، بأننا سنبذل كل غالٍ ونفيس من أجل رفعة هذا الوطن الغالي، كما يمثل مناسبة نستلهم من خلالها الدروس الوطنية التي تعزز من قوة دولتنا وصلابة وطننا وعزيمة شعبنا، وذلك من خلال التلاحم بين شعبنا الوفي وقيادتنا الرشيدة، المُمَثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات، الأمر الذي يُقوي اتحادنا ويدفع عجلة التنمية المستدامة في دولتنا إلى الأمام، ويعزز من مكانة شعبنا بين الشعوب، ويمثل باستمرار قيمة مضافة لأمتنا العربية والإسلامية. 

«النظر إلى المستقبل»
وفي ختام مقالي، لا يسعني إلّا القول بأن شعب الإمارات المعطاء -بفضل ثقافته الرصينة وأفقه الوطني الواسع- ينفرد في احتفالات الأعياد والمناسبات الوطنية، بخاصية «النظر إلى المستقبل»، بحيث يكون كل احتفال عامل دعمٍ لمسيرة بناء الوطن، وهذه السمة الفريدة يجب أن نحافظ عليها، لأنها تضع دولة الإمارات العربية المتحدة في المقدمة دائماً من خلال تلاحم الشعب مع القيادة الرشيدة، بالإِضافة إلى أنها تُسهم في استكمال مسيرة التنمية المستدامة، خاصةً تنفيذ المشروعات التقنية الكبرى، مثل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر 2024، وذلك بعد أن نجحنا في الوصول لكوكب المريخ عن طريق «مسبار الأمل».
*كاتب إماراتي